Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026

وتعطلت لغة الكلام أيها الفقيد الغالي.. طبت حياً وميتاً
عبدالله الصالح الناصر الرشيد

 

في هذه اللحظات، وأمام هذا الخبر الفاجع، تعطلت أمامي لغة الكلام، وحلَّ مكانها لغة الدموع، واستأسدت الأحزان أمام شخصي الضعيف، ولم أملك إلا أن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. لقد كانت الفاجعة أليمة ومحزنة ومذهلة عندما هاتفني الناعي بنبأ وفاة أخي الحبيب، بل حبيب الجميع، الرجل الإنسان، والمواطن الصالح، الدكتور صالح بن عبدالله المنصور المالك الأمين العام لمجلس الشورى.. هنا تفجَّرت مشاعري، ووجدتني أجهش بصمت وبنبرات لم أستطع كتمانها.. في تلك اللحظة توقفت أحاسيسي، ولم أجد أمامي سوى صورة فقيدنا الغالي الذي لم تغب صورته الحقيقية عني سوى بضعة أيام، وكنت عندما اتصلت به مغرب يوم الخميس الذي سبق وفاته للاستفسار عن حالته وإمكانية زيارته كالمعتاد وجدته يتكلم ببطء ويشكو من آلام صدرية مفاجئة، تحيط به عائلته الكريمة، ويرغب أن أزوره مغرب يوم الثلاثاء لعل حالته تتحسن، وودعته والألم يعتصرني، وغالبني السهاد تلك الليلة، ولم أعرف أن هذا اليوم هو يوم نعيه ورحيله.. سبحان مقدر الأقدار ومحدد الأعمار. واليوم، وقد غادر دنيانا الفانية إلى رحاب ربٍّ كريم رحيم في دار الخلود والنعيم، وحتى يجمعنا الله وإياه بدار كرامته ومستقر رحمته بمشيئته تعالى، لا نجد أمامنا إلا تحقيق أمنيته بالدعاء له، ونتوجه للباري عزَّ وجلَّ بأن يُغدق عليه من شآبيب كرمه وعفوه، وأن يسكنه فسيح جناته مع عباده الصالحين.

لقد كان فقيدنا الغالي درة في الأخلاق الرفيعة، سمحاً كريماً متواضعاً، تتجلى في تعامله أروع الصفات النبيلة، وفياً مخلصاً لأصدقائه ومعارفه وزملائه وجيرانه، مثال النزاهة والأمانة والإخلاص في عمله.. لقد عرف الجميع أبا هشام رجلاً كبيراً في سلوكه، تأسرك خلاله، وتدفعك إلى احترامه وتقديره خصاله الحميدة ومواقفه المشرفة؛ لأنه يتعامل طيلة حياته مع الجميع بأخلاق الرجال الكبار بكل ما تحمله من أريحية وتواضع ونخوة وشهامة.

لقد خدم فقيدنا الغالي وطنه وأمته في الكثير من ميادين العمل، وعلى أرفع المستويات، وفي كافة المجالات الأكاديمية والإدارية، واحتل مكانة مرموقة لقاء تضحياته وإخلاصه، حتى وبعد أن أقعده المرض لم يبخل بمشورة ناصحة صادقة، وهو ما يلمسه الكثير من زائريه ومحبيه وعارفي فضله.. والآن وقد أفضى إلى ما قدَّم لا يسعنا إلا أن نعزي أنفسنا بفَقْده الذي لا يُعوَّض، كما نتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى أبنائه وبناته وزوجتيه الكريمتين، وإلى أخيه الوفي الدكتور أحمد، وإلى أسرة المالك الكريمة وجميع أقارب ومعارف وزملاء الفقيد رحمه الله..

فطوبى لك أيها الراحل الغالي، ولتهنأ في مثواك قرير العين مرتاح الفؤاد بجوار ربٍّ كريم رحيم، وكأني بلسان حالك يقول:

إذا ما بات من ترب فراشي

وبت مجاور الرب الكريم

فهنوني أصيحابي وقولوا

لك البشرى قدمت إلى رحيم


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد