Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026
أنت
محمد عبده
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

تابعت الأسبوع قبل الماضي حلقة الأستاذ محمد عبده في برنامج العراب.. وعادت بي الذاكرة.. وامتلأ قلبي بالامتنان الشخصي إلى أبي عبدالرحمن والشاعر دايم السيف.. فقد كانا رفيقي درب مراهقتي ومعي آلاف المراهقين الآخرين غيري.. والحقيقة أنهما كانا رفيقي مشاعر وأحاسيس جيل كامل تأثر بإنتاجهما الغزير العالي الجودة في الكلمات واللحن والأداء.

حينما كنت طفلاً كانت أغنية (يا ريم وادي ثقيف) لهيام يونس و(سويعات الأصيل) لطلال مداح (رحمه الله) وأغنية وديع الصافي الوطنية (سلمك الله يا أبو عبدالله) وأغنية أخرى لصباح لم أعد أذكرها هي كل ما يحتل ذاكرتي من شجي النغم.. ثم فجأة ظهر علينا مطرب أسمر نحيل يغني لوناً جديداً بلحن جديد وموسيقى جديدة وكلمات جديدة وتصوير جديد.. وكانت أغنية (سكة التايهين) التي صورت بشكل أقرب للفيديو كليب اليوم، حيث يظهر محمد عبده يغني وطفل يدفع طفلة أخرى على مرجيحة.. هذا الأسلوب الجديد شدني لذلك القادم الجديد الذي احتل فيما بعد جل مساحة ذائقتي الموسيقية.. وأنا على يقين من أن نفس الشعور كان ينطبق على أكثر أبناء جيلي.

خلال النصف الأول من السبعينات انقسم الناس إلى قسمين أو فسطاطين.. فسطاط لا يستمعون ولا يطربون إلا لطلال مداح والفسطاط الآخر لا يطربون إلا لمحمد عبده.. وبذلك انقسمت الصفحات الفنية وصارت كما الصفحات الرياضية اليوم في حالة الأندية.. بعضهم مع طلال والآخرون مع محمد عبده.. و مع صغر سني أذكر أنه قد لفت نظري كيف أن صور وأخبار محمد عبده في الصحف اليومية آنذاك كانت تفوق عدد صور وأخبار الملك فيصل (رحمه الله)!.. ثم نافسه بعد ذلك الأمير عبدالرحمن بن سعود (رحمه الله) والأستاذ عبدالرحمن الدهام في المساحة الإعلامية المتاحة لهم في الصحف اليومية.

وأذكر كيف أن الصحف في الفسطاط المنافس كانت تشنع على محمد عبده وتدعي أنه سئل عن أم كلثوم فقال إنه يرجو لها مستقبلاً.. وأنه سئل عن نفسه فقال: أنا فلتة.. أما في المجالس فقد كان التشنيع عليه يأتي من كبار السن.. حيث كانت تتناوله الانتقادات عدد أزرار ياقة ثوبه.. وشكل (قلاب) الياقة.. وأنه صفر أمام أم كلثوم وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب.. لقد كانت مساحة الحديث عنه في المجالس لا تقل عن مساحة الحديث عن الأسهم في المجالس اليوم.. وهذه لا شك نجومية كبيرة.

ولِمَ لا وهو الرجل الذي لم يقتصر على التجديد في الصوت والكلمة واللحن، بل تعدى ذلك حتى أحدث ثورة في لباسنا الوطني.. ولا يوجد شخص ينكر أنه أحد الرموز المهمة التي نظر إليها الشباب وقلدوها حتى في الملبس ولفترة امتدت عشرين عاماً.. وكان ملء السمع والبصر في الأربعين عاماً الماضية.

وهناك أيضاً نقطة مهمة أخرى يجب ألا نغفلها وهي أن هذا الفنان قد استطاع أن يغير نظرة المجتمع إلى الفن والفنانين.. وهي نظرة ترسخت في أذهان الكثيرين بسبب التنفير العقدي.. حتى جاء محمد عبده وأثبت أن الإبداع الفني نجومية وقدوة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5913 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد