Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/05/2008 G Issue 13029
السبت 26 جمادى الأول 1429   العدد  13029
حديث المحبة
الأسرة السعودية.. شروخ من الداخل
إبراهيم بن سعد الماجد

حتى فترة قريبة جداً كان الحديث عن مشاكلنا داخل الأسرة من المحظورات، ليس بسبب نظام أو قانون يمنع ذلك، ولكن من منطلق متخلف لا يستند إلى دليل شرعي ولا عقلي، ونتيجة لذلك حدث الكثير من التجاوزات الخطيرة، فأزهقت أرواح، وانتهكت أعراض، ودمرت أسر، كل ذلك داخل الأسرة نفسها.

واليوم ومع ارتفاع وعي المجتمع وإدراكه الأمر بالشكل الذي جعل من الحديث عن مشاكل الأسرة أمراً مشروعاً لا غبار عليه، بل وتفاعل الجهات المعنية الرسمية منها والأهلية مع ما تطرحه الصحافة من خلال كتابها ومحرريها أجد لزاماً عليّ كواحد من هؤلاء أن أكتب عن شروخ داخل بعض أسرنا السعودية وسأورد نماذج من هذه الشروخ.

من هذه الشروخ شرخ قديم قدم التاريخ وهو عضل الولي موليته، ويختلف هذا العضل من مجتمع لآخر، فمن الأولياء من يمنع موليته من الزواج بتاتاً لأسباب مختلفة إما رغبة في مالها إذا كانت من ذوات الأموال، أو في خدمتها له، أو ما يسمى بالحجر وهو أن يكون زواجها محدداً لشخص بذاته من أبناء عمومتها حتى ولو لم يكن كفؤاً، وهذا يحصل بكثرة بين أبناء البادية، وأتذكر منذ سنوات أن ثلاث أخوات بعثن برسالة إلى أحد المعنيين بالتزويج يرغبن إليه البحث لهن عن أزواج أكفاء وذلك على وجه السرعة لخشيتهن أن يتقدم إليهن أي من أبناء عمومتهن وهم كما تقول رسالتهن لا يمكن أن يكونوا الأشخاص المناسبين لهن لا ثقافياً ولا أخلاقياً، ووالدهن لا يمكن أن يرد أبناء أخيه مهما كان الأمر.

ومن هذه الشروخ ما يقوم به الولي من تزويج موليته دون التأكد من سيرة المتقدم لها مما يوقعها في شر مستطير بعد زواجه منها، يعتقد البعض أن حسن سيرة الرجل الدينية هي كل شيء، وما علموا أن هناك جوانب مهمة يجب التأكد منها، ومنها حسن خلقه، وذلك هو صمام الأمان لاستقرار الأسرة ونموها، فكم من بيوت هدمت وأسر شردت نتيجة سوء خلق هذا الزوج الذي لا يعرف وسيلة للمفاهمة إلا يده، أخبرني أحد الأصدقاء أن ابنته الكبرى خطبت وأنه سال عنه فوجده مناسباً، فسألته كيف سألت عنه؟ فقال سألت عنه جماعة المسجد فذكروا أنه من خيرة المحافظين على الصلاة، فقلت له هذا شيء مهم جداً، ولكن ماذا عن الجوانب الأخرى؟ فقال إنه في وظيفة محترمة فقلت ليس عن هذا أسأل ولكن هل سألت عن أخلاقه مع الناس؟ هل سألت عن هندامه؟ هل سألت عن جوده وكرمه؟ فتعجب من قولي هل سألت عن هندامه وحق له ولغيره أن يتعجب إذا لم يكونوا يعلمون أن كثيراً من قضايا الطلاق بسبب عدم اهتمام الرجل بنفسه أمام زوجته وكأنها بلا مشاعر، المرأة كما الرجل إن لم تكن أكثر في حرصها على أن ترى زوجها على أحسن حال مظهراً ومخبأ، وكما يريد الرجل من المرأة أن تكون عليه هي أيضاً تريد منه ذلك.

وللأسف أن سؤالنا عن الخاطب ينحصر في جانب واحد فقط وهو علاقته بربه، ومع عظم أهمية ذلك إلا أنها لا يمكن أن تكون العامل الرئيس في الحياة السعيدة بين الزوجين، فالمسألة متشابكة مترابطة، فالإنسان غير السوي في علاقته مع ربه، والرجل البخيل، وذاك المقزز في مظهره، كل هذه الصفات الذميمة من الأسباب الرئيسة في هدم البيوت وتشتت الشمل.

والمسألة الأخرى مستوى الزوجين الثقافي، فكلما تباعدا ثقافياً كلما كانت فرصة نشوء الخلاف أكبر، وكلما اقتربا كانت فرصة التوافق أقرب، وشواهد ذلك كثيرة مشهورة، بخاصة إذا اجتمعت الثقافة مع عقول راجحة، وكما يقال الفقيه ذو العقل الخفيف يفسد أكثر مما يصلح.

ومن الأمور التي بسببها يتصدع البنيان الجديد وربما انهدم على أهله عدم تهيئ الفتاة لهذه المسؤولية الكبيرة والمصيرية، وهذه مسؤولية الأم بالدرجة الأولى، فكثير من بناتنا يدخلن عش الزوجية وكل ما تفكر فيه أن تجد من يأخذها إلى مشارق الأرض ومغاربها، لا أن تبني معه أسرة قوامها المودة والرحمة، ومن جانب آخر تأتي إلى هذا المنزل وهي غير مهيأة لإدارته والقيام بمسؤولياتها كمديرة وربة منزل.

نخلص إلى أنه يجب أن لا نغمض أعيننا وندعي أننا مجتمع مثالي وأنه ليس بيننا من يظلم أقرب الأقربين إليه وهي ابنته أو أخته سواء بشكل مباشر كعضلها أو غير مباشر بعدم تهيئتها لمسؤولياتها القادمة.

هذه بعض القضايا التي أرى أنها من الأهمية بمكان، وأنه يجب علينا كأسرة سعودية أن نوليها جل عنايتنا من أجل أسرة بلا شروخ ولا ندوب ولا تشوهات تعيق مسيرتنا الوطنية نحو الحياة المستقرة الهادئة.



almajd858@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5968 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد