Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/05/2008 G Issue 13029
السبت 26 جمادى الأول 1429   العدد  13029
بسبب ارتفاع مواد البناء المتواصل
المناقصات الحكومية تشكو: لم يحضر أحد

«الجزيرة»- عبدالعزيز السحيمي

سجلت المناقصات الحكومية التي طرحتها العديد من الوزارات للمنافسة في الفترة الأخيرة غياباً واضحاً من المقاولين المنفذين عن التقدم للظفر بتلك المشروعات في ظل الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء وغياب الآلية الواضحة للتعويضات من الجهات الرسمية المعلنة عن تلك المناقصات رغم مطالباتهم المستمرة بضرورة استحداث مادة في العقود المعتمدة لإيجاد آلية واضحة للتعويض عن الارتفاع المستمر في أسعار مواد البناء والذي يشهد ارتفاعات متتالية خلال الأشهر الماضية وخاصة الحديد الذي تجاوز سعر طنه أكثر من 6700 ريال مقارنة بما هو عليه في بداية العام الحالي والذي لم يتجاوز سعره 2400ريال للطن الواحد.

وكانت الجهات الحكومية قد أقرت منذ عامين تقديم تسهيلات كبيرة للمقاولين الأجانب وتقديم الامتيازات لهم والتي تشمل السماح لها بالعمل في المملكة بدون وسيط أو وكيل واستثنائها من نظام تصنيف المقاولين والسماح لها بإحضار معداتها وإعادتها بدون جمارك وكذلك شملت الامتيازات المقدمة لها الاستثناء من ضوابط منح التأشيرات للعمالة، وتعد تلك التسهيلات بمثابة الحافز لدخول الشركات الأجنبية للسوق السعودي في ظل الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة، وعلى الرغم من تلك التسهيلات إلا أن السوق لم يشهد دخول أي شركة مقاولات عالمية للسوق السعودي في ظل الارتفاعات الكبيرة في أسعار مواد البناء وكذلك العقود الحكومية التي تحمل المقاول كافة مخاطر المشروع وغياب ما ينص على تعويض المقاولين الناشئ عن ارتفاع أسعار أو تضخم أجور العمالة مع تحميل العقود للمقاولين مسؤولية صحة ودقة مخططات تصميم المشروعات وإرغام تلك العقود المقاولين على إكمال وتنفيذ المشروعات تحت أي ظرف.

وأوضح المقاول المهندس منصور الشثري أن الارتفاع الكبير والمستمر في أسعار مواد البناء تسبب في إحجام الكثير من المقاولين عن الدخول في المنافسات الحكومية حيث الفترة الطويلة لتنفيذ المشروعات والتي تستغرق في متوسطها عامين مما يعرض المقاول لخطر كبير خصوصا غياب ما ينص في العقود على استحقاقه للتعويض في حال ارتفاع أسعار مواد البناء خصوصا أن الجهات الحكومية ملتزمة بعدم ترسية المشروعات إلا وفق أسعار التكلفة التقديرية للمشروع والتي تم تحديدها مبكرا قبل الارتفاع الكبير لأسعار مواد البناء والتي تعد أسعار خاسرة للمقاولين.

وحول غياب المقاولين الأجانب قال م. الشثري: رغم صدور قرار مجلس الوزراء بتاريخ 19-3-1427هـ بشأن الاستعانة بالمقاولين الصينيين والأجانب في تنفيذ المشروعات المعتمدة في الميزانية وتقديم امتيازات لهم تشمل السماح بالعمل بدون وسيط أو وكيل واستثنائها من نظام تصنيف المقاولين والسماح لها بإحضار معداتها وإعادتها إلى موطنها بدون جمارك والاستثناء من ضوابط منح التأشيرات للعمالة والتي مثلت تسهيلات لا تتوفر في أي بلد آخر وكذلك قيام المسؤولين باستجداء الوفود الرسمية الزائرة للمملكة بحثهم على دعوة مقاوليهم للعمل في المملكة إلا أننا نلاحظ امتناعهم عن الحضور.

وأوضح الشثري أن المقاولين الأجانب أكدوا أثناء مقابلاتهم في المعارض الدولية ومناقشتهم في أسباب عدم حضورهم رغم التسهيلات المقدمة لهم وجدت أنهم على اطلاع كامل على أوضاع سوق المقاولات السعودي ومعرفتهم بكافة العوائق الموجودة والتي تمنعهم من الحضور للمملكة وقد تشكل لدى معظمهم الانطباع عن بيئة العمل بالمملكة من خلال عمل الكثير من المقاولين الدوليين في حقبة السبعينيات والثمانينيات الميلادية حيث واجه الكثير منهم التأخير الكبير في صرف المستحقات والبيروقراطية الإدارية وصعوبة الحصول على مقابل مادي للأعمال الإضافية وبطء إجراءات التقاضي في حال حدوث خلافات وكذلك نظام المشتريات الحكومية وعقد الأشغال العامة بصيغته الحالية تجعل من المستحيل أن يقبل أي مقاول دولي بالتوقيع عليه فهو يحمل كافة مخاطر المشروع على المقاول لوحده ولا يحتوي على أي بند للتعويض الناشئ عن ارتفاع أسعار مواد البناء أو تضخم أجور العمالة ويحمل المقاول مسؤولية صحة ودقة مخططات تصميم المشروع التي قامت الجهة الجكومية بإعدادها وعدم سماحه بدفع قيمة الموارد لموقع المشروع إلا بعد تركيبها واختبارها مما يعني أن المشروع قد ينتهي ولم يستلم المقاول سوى نصف مستحقاته كما يحتوي النظام على فقرة تنص على (لا يجوز للمقاول التخلي عن تنفيذ التزاماته استنادا إلى إخلال الجهة الحكومية في تنفيذ التزاماتها).

وأضاف: لعل أكبر مشكلة في عقد الأشغال العامة كعقد إداري أنه يجبر المقاول على إكمال تنفيذ وتسليم المشروع تحت أي ظرف كان حتى لو تضاعفت أسعار مواد البناء عدة مرات أو انعدام توافرها لأي سبب أو ظهرت مشكلات غير منظورة في تربة المشروع تعيق تنفيذ المشروع في إطاره المادي والزمني وإلا فإنه يجوز للجهة الحكومية إذا لاحظت تباطأ المقاول في تنفيذ المشروع أن تقوم وبدون اتخاذ أي إجراء قضائي بسحب المشروع من المقاول وحجز مواده ومعداته ومستحقاته المالية وتنفيذ المشروع بمقاول آخر بالأسعار الجديدة على حسابه ومطالباته بفروقات الأسعار والرجوع عليه بالتعويض عما أصاب الجهة الحكومية من أضرار نتيجة تأخير تنفيذ المشروع وإصدار قرار بمنع التعامل معه من قبل جميع الجهات الحكومية.

وأشار المهندس الشثري إلى أن مخططات المشروعات المطروحة في المنافسات ضعيفة وتؤدي إلى كثرة أوامر التغيير مما يؤدي إلى ضياع كثير من حقوق المقاولين بالإضافة إلى إن الاستشاري المشرف على المشروع يقع تحت سلطة الجهة الحكومية ولا يقوم بدوره الحيادي بين طرفي العقد. وقال إن نظام المشتريات الحكومي لا يسمح للمقاول الأجنبي باستخدام مواد مستوردة من بلده ويلزمه باستخدام مواد منتجة في المملكة مما يؤدي إلى تأخر تنفيذ المشروعات في حال عدم قدرة المصانع الوطنية على تلبية احتياجات المشروعات الجاري تنفيذها.

وأكد المهندس منصور الشثري أن سوق المقاولات يشهد طفرة كبيرة عالميا وهناك طلب كبير عليه مما يجعل أي مقاول مضطر لتحمل مخاطر كبيرة للعمل في المملكة والمقاولين الأجانب موجودون بكثرة في المملكة ولكن فقط في قطاع الطاقة والبتروكيماويات حيث لا يخضعون لنظام المشتريات الحكومية أو عقد الأشغال العامة أو المنافسة من مقاولين محليين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد