Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/06/2008 G Issue 13034
الخميس 01 جمادىالآخرة 1429   العدد  13034
المنشود
الصيانة الدورية للذات!
رقية سليمان الهويريني

قد يشكل مصطلح الصيانة الدورية للذات ثقلاً على النفس. فالسرعة في إيقاعات الحياة، وانشغال المرء بالتزاماته المختلفة، وعدم توفر الوقت الكافي لديه ليتأمل أوضاعه الحالية، وما قد فاته في مراحل عمره من تضييع لوقته أواستثمار له في غير محله، وماهو بانتظاره من طموحات لم تتحقق يجعل من الضرورة التوقف وإعادة النظر بشؤونه ومقتضى أحواله، فيصلح من عيوبه، ويزيد من رصيد حسناته ما استطاع،ولا يغتر بطول الأمل وتأخر الأجل.

ولا يزال مصطلح الصيانة الذاتية، أدبياً، مثالياً في جوهره، ولم يأخذ طابع الإلزام الذاتي رغم أن الله تعالى قد أقسم في محكم تنزيله بالنفس اللوامة الناشئة من تكوين ذاتي يقوم على نمو الضمير كرقيب داخلي، يذكيه المجتمع بحسب ثقافته ليتحول إلى مصطلح اجتماعي يمكن تعلمه واكتسابه.

والصيانة الدورية للذات تنمو تدريجياً عن طريق الفطرة والاكتساب،إذ لا ينبغي إغفال التربية والتنشئة، فكلا المستويين يصبان في هدف واحد، وهو إعداد الشخص ليكون ذا ضمير حي، متيقظاً، شفافا، أمينا، راعياً وواعياً لذاته ومسؤولياته تجاه نفسه والآخرين. وهنا يحسن بالوالدين غرس فكرة الصيانة الدورية الذاتية لدى أبنائهم وكذلك المعلمين والدعاة، بما يمكّن النشء من تعلم كيفية تنقية ذواتهم مما يعلق بها من أدران الحياة المادية، وتنبيههم لعدم الغفلة عن أخطائهم،أو اكتراثهم بزلاتهم، أو تهاونهم في حقوق الناس لديهم.

إن تنمية الإحساس المرهف تجاه الآخرين، والمحافظة على حقوقهم عن طريق المحاسبة الذاتية يشكل محوراً مهما حتى في تطور المجتمع ورقيه على المدى الطويل، حيث يمثل الجانب الأخلاقي عنصراً هاماً في صدق وثبات أفراد المجتمع، ذلك الصدق الذي يعد أسَّ الأخلاق، والثبات عمودها، كما هي المحاسبة الذاتية تعد من أرقى أصناف الأخلاق. ولعلنا نتفق على مقولة (إن القوانين والتشريعات مهما كانت مُحكمة فإنها لا تحمي المجتمعات والحقوق ولا توفر وحدها الأمن والثقة، ولكنها حين تعمل في بيئة أخلاقية فإنها تحقق كفاءة عالية في التنمية والإصلاح).

ولعل نجاح الصيانة الذاتية يرتبط بالزمان أكثر من المكان، حيث تأتي المناسبات كشهر رمضان والحج وبدء سنة جديدة، واستقبال فصل جديد فرصة للصيانة والإصلاح، والتعديل والتهذيب للنفس وتعلم المزيد من المثل والأخلاقيات.

ولا يأنف المرء أن يتعلم حتى من الأشخاص البسطاء حوله، بل إن أولئك يهدون إليك علوما إنسانية بالغة الروعة والنقاء، ربما لأن لديهم الوقت الكافي لمحاسبة أنفسهم!!

rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342








لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد