Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/06/2008 G Issue 13036
السبت 03 جمادىالآخرة 1429   العدد  13036
خماهن سطح المريخ وخماهن وادي الشميسي
د. محمد العيسى الذكير

الصورةالملتقطة لأرض مريخية التي نشرتها الجزيرة (22-5-1429هـ) بالقرب من المسبار الفضائي فينيكس، الذي هبط ناحية الشمال لسطح المريخ قبل أخذ تلك الصورة بساعات، تعكس الأرضية الحمراء لسطح هذا الكوكب المعروف أيضاً بالكوكب الأحمر. وترجع هذه التسمية إلى الاحمرار الذي يغلب على المريخ عندما يشاهد من الأرض بالعين المجردة،

وخصوصاً عندما يكون قريباً منها، بل ويصبح في بعض الليالي الأرضية المظلمة وكأنه ياقوتة حمراء تتلألأ في السماء مثلما حصل في عام 1424هـ عندما شاهد الملايين حول العالم تلك الظاهرة المريخية.

ولون سطحه الأحمر ناتج من انعكاس الأشعة الشمسية على سطحه الصحراوي الخالي حالياً من المياه السطحية، الذي تجوبه في بعض الأحيان العواصف الترابية. بدأت الحمرة المريخية تفك بعض أسرارها عندما التقطت بعض الصور لسطحه بواسطة مركبة أمريكية هبطت على سطحه في عام 1396هـ. وأوضحت الصور الملتقطة من تلك المركبة وجود أرض جرداء تشبه بعض الأراضي الصحراوية على كوكب الأرض. وكان على تلك الأرض المريخية حجارة وجلاميد مبعثرة، ويميل لون التربة المريخية حول المركبة إلى حمرة بعض الرمال على الأرض، وشبهها كاتب هذه السطور، بعد سنين، بحمرة رمال وادي الشميسي، وذلك في مقال نُشر في عام 1413هـ.

تناقلت وسائل الإعلام في الرابع من صفر 1419هـ نبأ العثور على معدن أحمر حديدي على سطح المريخ وبكميات غطت مساحة كبيرة من سطحه. واستخدم الإعلام المحلي والعربي الاسم الأجنبي المعرّب للمعدن (هيماتيت) بدلاً من الاسم التراثي أي خماهن. استخدم الأسلاف مصطلح خماهن في مؤلفاتهم عن المعادن والجواهر. وقد وصف شهاب الدين أبو العباس أحمد التيفاشي (580-651هـ) الخماهن بقوله: (وأجوده الذي يميل إلى الحمرة الحديدية)، وقال شاعر من بلاد الشام:

كأنما التوت على أطباقه

خماهن بعندم منقّط

وحبيبات خماهن وادي الشميسي تشبه حبيبات التوت الشامي.

فرمال وادي الشميسي حمراء لوجود الخماهن، والرمال المريخية حمراء لوجود نفس المعدن فيها. ولا يستبعد أن تكون حمرة الصورة التي نشرتها الجزيرة تعكس تشبع تلك التربة المريخية بمعدن الخماهن. وتربة وادي الشميسي مشبعة بهذا المعدن، وخصوصاً الجانب الغربي من الوادي؛ حيث توجد تلال موازية للوادي فيها تركيزات لمعدن الخماهن الذي ترسب في طبقاته منذ ملايين السنين. ووادي الشميسي هو الوادي الذي تقع فيه بوابة مكة المكرمة على الطريق السريع بين أم القرى وجدة. وتشاهد بالقرب من هذه البوابة المميّزة تلال وقد صبغتها الحمرة الحديدية للخماهن.

هذه التلال ذات الحمرة الحديدية من ثروات المملكة المعدنية، وتبلغ نسبة الحديد في خامات هذه الثروة الوطنية حوالي اثنين وأربعين في المائة، وقد حظيت بعدة دراسات، ومنها دراسة للدكتور أحمد محمود الشنطي ونشرت في عام 1386هـ، وأخرى للدكتور محمد عبده يماني الذي نشر لمحات من دراسته ضمن كتابه (الجيولوجيا الاقتصادية والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية) الذي صدرت طبعته الثالثة في عام 1406هـ.

وتمتد التلال التي فيها تركيزات الخماهن على طول خمسة وسبعين كيلومتراً؛ حيث يوجد بعضها في وادي فاطمة. ودخلت هذه التلال وغيرها من جبال وتلال ضمن المسح الجيوكيميائي لمربع مكة المكرمة، ونشرت هذه الدراسة الجيوكيميائية في عام 1426هـ.

هل ستساهم الدراسات الجيولوجية والمعدنية والجيوكيميائية لخماهن وادي الشميسي بإضافات للمعارف العلمية عن التاريخ الطبيعي لخماهن كوكب المريخ؟ وهو الكوكب المرشح للاستيطان البشري مستقبلاً.

سؤال مطروح أمام الجيل الشاب من الباحثين السعوديين المتطلع نحو المجالات الفضائية للمقارنات العلمية للخروج بنتائج وفك بعض أسرار الكوكب الأحمر!!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد