Al Jazirah NewsPaper Sunday  08/06/2008 G Issue 13037
الأحد 04 جمادىالآخرة 1429   العدد  13037
أضواء
الربح والخسارة في الاتفاقية العراقية الأمريكية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

الاتفاقية الأمريكية العراقية لا تقتصر على تحقيق المطالب العسكرية الأمريكية التي تتوافق مع الاستراتيجية العامة لأمريكا في المنطقة، بل أيضاً لها جوانب أخرى، فعلى الجانب الأمني والسياسي تتضمن الاتفاقية الدعم لحلفاء أمريكا الذين أحضرتهم معها إبان الغزو مثل نوري المالكي وحزبه وعبدالعزيز الطباطبائي ومجلسه وهادي العامري ومنظمته وجلال الطالباني ورئاسته وإلى بقية القطيع السارح بالمنطقة الخضراء من طارق الهاشمي وعدنان الدليمي وغيرهم.

وهناك الجانب الاقتصادي، وهو رهن خيرات البلد لا سيما النفط والغاز لصالح الاقتصاد الأمريكي. لأن بوش عندما استلم منصبه في 20-1-2001م كان الفائض الأمريكي مائة مليار دولار. وبعد سلسلة حروبه المفتوحة، فإن العجز الأمريكي لغاية نهاية عام 2007 وصل إلى 250 مليار دولار. كما أن الإنفاق على ميزانية وزارة الدفاع تجاوزت 700 مليار دولار. ناهيك عن الكلفة الاجمالية لهذه الحروب حيث وصلت إلى ثلاثة تريليونات دولار. ومع الكلفة المستقبلية لمخلفات هذه الحروب صحيا ودفاعيا واجتماعيا فتصل إلى خمسة تريليونات دولار كما شخصها جوزيف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد.

ويرى الدكتور عماد الدين الجبوري وهو كاتب أكاديمي عراقي أنه إذا كانت ردود الأفعال الجماهيرية داخل العراق شيء طبيعي في المظاهرات والمسيرات بين يومي 29 و30 من شهر ايار/ مايو المنصرم، والتي عبرت عن رفضها لهذه الاتفاقية الطويلة الأمد، وإذا كان أيضاً من الطبيعي أن تتفجر تصريحات وخطابات وبيانات الوطنيين من الشعب العراقي، فإنه من المستغرب أن تقف إيران ضد هذه الاتفاقية، فهل هناك اختلاف في الحسابات بين الاحتلالين الأمريكي والإيراني؟ أم أنها مجرد مناورة سياسية لا أكثر. ولكن لو كانت هذه مناورة إيرانية، فهل يستوجب أن ينفش ريشه من لبنان حسن نصر الله ويدخل على الخط؟ وماذا عن المراجع العليا في النجف التي ألمحت إلى رفض هكذا اتفاقية، هل هم ضمن المناورة أو أن الأمر فعلا فيه خطورة على دولة ولاية الفقيه؟ وماذا عن موقف الموالين ممن يسمون عرب السنة سواء المشاركين بالعملية السياسية الديمقراطية أو المسلحين القتلة في عمليات الصحوات؟ وما دور وثقل المنتقدين لهذه الاتفاقية من الأمريكان؟.

يقول الجبوري: لنبدأ من النقطة الأخيرة: تنص المادة رقم واحد من القسم الثامن في الدستور الأمريكي على أن مجلس الشيوخ (الكونجرس) هو الذي (يعمل القواعد للحكومة وتعليمات القوات البرية والبحرية). بينما إدارة بوش تدعي بأن هذه الاتفاقية الاستراتيجية مع العراق لا تتطلب مصادقة من مجلس الشيوخ الأمريكي لأنها لا تلزم الرئيس الجديد للولايات المتحدة ببنود هذه الاتفاقية. إلا أن هذا الموقف يجابه بالتذمر والامتعاض من قبل مجلس الشيوخ.

يشير الخبير الأمريكي إيفان إيلاند رئيس مركز السلام والحرية، وهو معهد أبحاث مستقل، قائلاً: إن الاتفاقية تصنف على أنها انتهاك للسيادة العراقية. كما أن هذا الحضور الأمريكي الطويل الأمد غير مطلوب ولا أحد يريده وذو نتائج عكسية. ولهذا فإن المفاوضات يجب أن تنتهي وتبدأ القوات الأمريكية بالانسحاب.

بيد أن مجموعة المحافظين القدامى منهم والجدد لا يرون ما يراه إنلاند. فحسب تصورهم أن هذه الاتفاقية لا تمكن الولايات المتحدة بالسيطرة على نفط العراق فقط، بل وتمتد مستقبلاً إلى بقية نفوط الشرق الأوسط. وبالتالي فإن المكاسب الاقتصادية والاستراتيجية التي ستحققها أمريكا في الثلاثين سنة المقبلة ستبرر بأثر رجعي. معنى هذا أن ما تنفقه أمريكا في هذه السنوات الأولى سوف يتم تعويضها زائدا الربح المالي والمركزي والسياسي.

وربما لهذا السبب أدركت حكومة إيران بأنها الخاسرة مستقبلا إن أبرمت حكومة المالكي هذه الاتفاقية مع الإدارة الأمريكية. وعلى هذا الأساس بدأت الأصوات الموالية لإيران ترفع من نبرتها الرافضة لهذه الاتفاقية. ولا يهمنا هنا ما قاله رئيس حزب الله السيد حسن نصر الله لأنه (عبد المأمور) من ناحية. وليس له أي ثقل بالساحة الوطنية العراقية من ناحية أخرى. ولكن مرجعية النجف - الإيرانية هي التي تلعب ألاعيبها الخطيرة ومنذ الاحتلال الأمريكي عام 2003م.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد