Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/06/2008 G Issue 13044
الأحد 11 جمادىالآخرة 1429   العدد  13044
وقف الجامعة وعقلية التبرع
محمد أبو حمرا

نشرت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن إعلان شكر وعرفان لمجموعة شركات عبدالقادر المهيدب وأولاده، وذلك لتبرعهم بمبلغ خمسة ملايين ريال لصالح صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية (وقف الجامعة).

لم أكن أعرف بهذا التبرع حتى اتصل بي ابني فيصل من الجامعة ذاتها وأخبرني عن التبرع وما نشرته الجامعة من شكر وتقدير وعرفان لتلك الشركة عبر الصحف.

وقفت كثيراً أمام تلك العقلية التي سعت في إنجاز هذا التبرع من شركات المهيدب إلى الجامعة، بمعنى كيف خطر على بال المهيدب أن يكون تبرعهم في هذا الاتجاه الراقي الذي لا يسبر غوره إلا أصحاب الفكر والمعرفة الراقية؛ وخاصة جامعة الملك فهد التي تعتبر من أرقى الجامعات العالمية لا السعودية فحسب، وبالأخص في موقع جاد يسعى إلى تنمية العقل والفكر في الجامعة العريقة.

وهنا الفرق في عقليات أصحاب الثراء الذين وصلت أرصدتهم إلى الثريا، زادهم الله من فضله، وفي مقابل المهيدب نجد من يتبرع بمائة ألف ريال من رأسمال مليارات الريالات ثم يملأ الدنيا ضجيجاً إعلامياً وينفق على هذا الضجيج أكثر مما تبرع به عدة مرات.

تعرفون وأعرف أن لدينا كثيرين من الأثرياء الذين لديهم من الأموال ما تنوء بحمله العصبة، ولكن بعضهم قد رزق البخل حتى على نفسه وأولاده فكيف به متبرعاً لفعل الخير، وأعرف أن كثيرين من أولئك التجار لا يتبرع إلا بعد إلحاح شديد تفرضه عليه اللحظة، فيتحوّل تبرعه من صدقة جارية أو في سبيل الله إلى سبيل الأشخاص أو الرياء للواجهة الإعلامية، ومع ذلك يكون المكان الموجه إليه التبرع غير ذي جدوى ولا دائم الثمرة؛ لأن تفكيره لا يتعدى عدّ النقود أو كتابة الشيك وقلمه يهتز هلعاً على فقدان رقم من الرصيد.

مسألة التبرعات أصبحت أيضاً محفوفة بالمخاطر في ظل التغيرات التي عمت العالم كله، فصار الذين يفعلون الخير يتحرزون من أن ينقلب إلى شر وبلاء أيضا؛ لذا صار التبرع محدوداً جداً وبعد التأكد من جهة صرفه وأين سيصرف ومن سيصرفه... الخ ذلك من الاحتياطات التي سيأخذ بها المتبرع ذاته.

نقول إن هناك فرقاً بين العقليات في تدبير المال وتوجيهه الوجهة السليمة التي تبقى ثمرتها على مر الزمان وهي تعطي إضاءات للعلم والفكر والتقدم، وهنا الفرق بين المتبرعين.. بقي أن تعرفوا أني لا أعرف لا المهيدب ولا شركاته، فقط الجيد يفرض نفسه، وها هم بتلك العقلية أثاروا قلمي.

فاكس 2372911


abo_hamra@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7257 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد