Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/06/2008 G Issue 13044
الأحد 11 جمادىالآخرة 1429   العدد  13044
من مكة.. (عبدالله) أسْمَعْهَا
حمّاد بن حامد السالمي

* من مكة المكرمة، قلب العالم أجمع، وقبلة مليار ونصف المليار مسلم، يتوزعون على سطح هذا الكوكب، أعلنها رائد التجديد والإصلاح، خادم الحرمين الشريفين، الملك (عبدالله بن عبدالعزيز) حفظه الله، بكل قوة وثقة، وأسمعها حتى من كان به صمم. قال:

* إننا صوت عدل وقيم إنسانية أخلاقية.

* إننا صوت تعايش وحوار عاقل وعادل.

* إننا صوت حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن.

* إننا في زمن، تداعى فيه الأعداء من أهل الغلو والتطرف من أبنائنا، بعدوانية سافرة، استهدفت سماحة الإسلام وعدله وغاياته السامية.

* أدعوكم لمواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق، ليستوعب العالم مفاهيم وآفاق رسالة الإسلام الخيرة، دون عداوة واستعداء.

* إن عظمة الإسلام، أسست لمفاهيم الحوار، وحددت معالم الطريق له.

* إن قلوبنا مليئة بالإيمان والتسامح والمحبة، التي أمرنا بها الخالق جل جلاله.

* سيكون الطريق للآخر، من خلال القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات الإلهية، والتي أنزلت من الرب عز وجل وتعالى، لما فيه خير الإنسان، والحفاظ على كرامته، وتعزيز قيم الأخلاق والتعاملات التي لا تستقيم والخداع، تلك القيم التي تنبذ الخيانة، وتنفر من الجريمة، وتحارب الإرهاب، وتحتقر الكذب، وتؤسس لمكارم الأخلاق والصدق والأمانة والعدل، وتعزز مفاهيم وقيم الأسرة وتماسكها وأخلاقياتها، التي جار عليها العصر، وتفككت روابطها، وابتعد الإنسان فيه عن ربه وتعاليم دينه.

* من جوار بيت الله الحرام بدأنا، ومنه بإذن الله سننطلق في حوارنا مع الآخر، بثقة نستمدها من إيماننا بالله، ثم بعلم نأخذه من سماحة ديننا، وسنجادل بالتي هي أحسن، فما اتفقنا عليه أنزلناه مكانه الكريم في نفوسنا، وما اختلفنا حوله، نحيله إلى قوله سبحانه وتعالى: (لكم دينكم ولي دين).

* هذا بحق، صوت عدل وحق، وإيمان وثقة بالنفس، يرتفع ثانية من بطاح مكة المكرمة، في وقت حرج للغاية، فالأمة التي أنهكها الانغلاق، وأزهقها التطرف، وأذلها الفكر المتكلس، شبت عن الطوق، وفاقت من (غفوة)، كانت تسمى في عرفهم (صحوة)، وملّت التخلف، وأصبحت تدرك جهالات أهل الغزوات، التي يسمونها مباركات، وهي مهلكات مبكيات، أولئك الذين لا ترى أبصارهم في هذا الكون - إن كان لهم أبصار وبصائر- أكثر من فسطاطين متناحرين، وقطبين متنافرين، ومعسكرين متصارعين، وعدوين متحاربين.

* في منطلق الستينيات الميلادية من القرن الفارط، كانت الظروف شبيهة إلى حد ما بما هو حالنا اليوم، فالشعارات القومية والحزبية على أشدها، والتحريض على الثورات قائم، ودعم الانقلابات، ونشر الفوضى في منطقتنا العربية على قدم وساق، وشهية كثير من الأطراف العربية والإقليمية، مفتوحة بقوة على العسكرة، وعلى الانخراط في معسكري القطب الشرقي أو الغربي، فبادر الملك الشهيد (فيصل بن عبدالعزيز) رحمه الله، إلى تبني مشروع وحدة عربية إسلامية (سلمية). أعلن فيصل، عن مشروعه الكبير من مكة المكرمة، في موسم حج حافل، وأخذ على عاتقه بعد ذلك، الذهاب إلى كل العرب والمسلمين في ديارهم، فزار عواصم كافة الدول العربية والإسلامية، داعياً إلى الحوار والتضامن والوحدة، وتكامل المصالح، وتكافل الجهود، من أجل السلام والعدل، وعدم الانحياز للشرق أو الغرب، والعمل على سد كل ثغرة يستغلها أعداء هذه الأمة للنيل منها.

* من مكة فيصل أعلنها..

* لا شرقية ولا غربية..

* إسلامية.. إسلامية..

* كان هذا نشيد الوحدة الإسلامية الصافية، وأغنية التوسط بين معسكرين متضادين متنافسين، أيام الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية. بين الشيوعية والإمبريالية. بين الاشتراكية والرأسمالية. نشيد محبب، كانت تصدح به إذاعتنا السعودية صباح مساء.

* اليوم.. يتجدد الموقف، ليس في منطقتنا وحدها، ولكن في العالم أجمع. الحرب الساخنة حلت محل الحرب الباردة، والقطب الواحد حجب القطب الآخر، والمعسكر الأقوى، جذب إليه ما سواه، وليس أمام الكل، سوى اللقاء على بساط من المصالح المشتركة، والتعايش السلمي، والحوار بالحسنى، وتبادل المنافع، ونشر الحريات الأسرية والشخصية، واحترام حقوق الإنسان، ووقف العدوان على الشعوب المستضعفة في فلسطين والعراق، والوقوف صفاً واحداً، أمام متطرفي العالم وإرهابييه، على مختلف دياناتهم ومذاهبهم، وهذه هي مهمة (مركز الملك عبدالله للتواصل بين الحضارات)، الذي انطلق من مكة، على أسس منها:

* مواجهة الظلم والعدوان والطغيان والاستعلاء.

* نشر ثقافة التسامح والحوار، واعتماده وسيلة للتفاهم والتعاون، وتوطيد ركائز السلم العالمي.

* الكف عن هدر موارد الإنسانية ومواهبها، في إنتاج أسلحة الدمار الشامل.

* التعاون على إشاعة القيم الفاضلة، وبناء منظومة عالمية للأخلاق.

* السعي معاً في عمارة الأرض وفق مشيئة الخالق، ووقف الاعتداء على حق الأجيال القادمة.

* التعاون في إصلاح الواقع الكوني الذي عم معظمه الفساد والشقاء.

* نحن إذن، أمام رؤية إسلامية حضارية جديدة، تبلورت صورتها في مكة، ونأت بالدين الإسلامي الحنيف، أن يكون وسيلة للتخاصم والعدوان والاستعداء: (لكم دينكم ولي دين)، وإذا أردنا أن نثبت مصداقيتنا، في ترجمة شفافة لهذه الصورة الجميلة، التي رسمناها بأنفسنا، في مواجهة بقية أصحاب الديانات الأخرى، فينبغي أن نعمد فوراً، إلى تربية أسرية وشعبية خالية من كل شوائب الماضي، الذي ينضح بالكراهية، ويحرض على العداء، ويعمم التخلف، ويسوق الطالبانية الظلامية، من طرق عدة في بلدنا هذا، وفي كثير من بلدان المسلمين. ينبغي أن نستبدل ثقافة التسامح، بثقافة التصادم، وثقافة التصالح بثقافة التصارع والتخادع، وأن نعيد ترتيب البيت الإسلامي في المجتمع الإسلامي، من خلال تعليم محايد، يحفز على الإبداع والعطاء والبناء، ويدعم هذه التوجهات النيرة، ويعزز هذه المواقف الحضارية، الذي أعلنها وأسمعها الملك المفدى في مؤتمر الحوار في مكة، فأصبحت حجر الزاوية في تعاطينا مع شعوب الأرض كافة، من الآن فصاعداً.



assahm@maktoob.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5350 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد