Al Jazirah NewsPaper Sunday  15/06/2008 G Issue 13044
الأحد 11 جمادىالآخرة 1429   العدد  13044
ساعة في الضحى مع وزير التعليم العالي:
(رؤى وتطلعات) 1-2
أ.د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

الزمان كان ضحى يوم السبت 3-6-1429هـ وبموعد مسبق مع معاليه وبحضور عدد من الزملاء. أثناء الانتظار في غرفة الاستقبال لمقابلة الوزير لمحت المجلة الثقافية التي ظهر على غلافها صورة وزير التعليم العالي وعبارة: (مخرجات التعليم العالي: النفط القادم)،

حقا إنها لعبارة لافتة للانتباه وتحتاج إلى تمعن وتفكر، والعبارة صحيحة في أساسها وتحمل فكرة وهاجة.

أما المكان فلقد دعانا سكرتيره إلى الذهاب إلى المختصر الذي عادة ما يقابل فيه بعض زواره الذين لم يأتوا لأمر خاص بهم وإنما للاجتماع معه، ومناسبة الاجتماع به كان لتسليمه درع التكريم الخاص الذي قدم للوزير أثناء انعقاد اليوم الجغرافي الأول، الذي نظمه قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة الملك سعود.

وكان ذلكم اليوم وفعالياته برعاية معاليه إلا أنه لظروف ترتبط بالتزاماته الوزارية لم يتمكن من افتتاح اليوم الجغرافي وأناب معالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان الذي أتحف الحضور بكلمة ضافية ووافية عن المرحلة التطويرية التي تشهدها جامعة الملك سعود، كما ذكر بصراحته وتلقائيته المعهودة الجهود التي يبذلها قسم الجغرافيا من أجل النهوض به ليكون قسما متميزا أكاديميا، ليس في مجال التدريس وحسب بل في مجالات البحث وخدمة المجتمع، ولقد سلم معالي المدير دروع التكريم لعدد من الجغرافيين الذين أسهموا ويسهمون، في تطوير التخصص من جوانب مختلفة.

كان على رأس القائمة الدكتور خالد بن محمد العنقري لا على أساس أنه وزير التعليم العالي في حكومة المملكة العربية السعودية بل باعتباره جغرافيا أكاديميا وباحثا من الطراز الأول، كما شمل التكريم في المناسبة عددا من الزملاء الذين أسهموا بنصيب وافر في تخصص الجغرافيا، وهم: الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي، مدير جامعة نايف، والدكتور ناصر بن عبدالله الصالح، مدير جامعة أم القرى سابقا، والدكتور أسعد بن سليمان عبده، عضو مجلس الشورى السعودي، ثم كاتب المقال.

لقد مضى الوقت دون أن نشعر ويبدو أن الوزيركان مرتاحا للمقابلة وللحديث ولم ألحظ أنه نظر للساعة، وعندما انتهى الاجتماع بإشارة من أحد الزملاء وليس من الوزير أدركنا أننا أمضينا ساعة كاملة معه، ولم نكن نعتقد أن المقابلة ستستمر بهذا الطول، كان الحديث ذو شجون، وكان الوزير يجاذبنا أطراف الحديث بمتعة ملحوظة.

أليست الجغرافيا من ضمن علوم أخرى تعنى بالأربعة أغلفة لكوكب الأرض: المائي والصخري والغازي والحيوي، ومن المعلوم وجود علاقة وطيدة وعضوية بين تلكم الأغلفة مما يستدعي تكوين كلية أكاديمية تتكون فيها أقسام تعنى بالظاهرات عظيمة التداخل التي تحتويها المظاهر الأرضية من الكوكب الذي يعيش فيه العدد الذي لا يكاد يحصر من الكائنات الحية وعلى رأسها الإنسان الذي يتفاعل معها تأثيرا وتأثرا.

وليكن اسم الكلية: (كلية النظم البيئية)، ولتشتمل على أقسام علمية مثل: قسم الجغرافيا والدراسات البيئية، قسم المناخ، قسم المياه، قسم الجيولوجيا، قسم التربة، قسم النبات.

ونكون بعملنا هذا لممنا شتات أقسام متناثرة بين كليات إنسانية وتطبيقية، أما التقنيات والأدوات التي توظف لدراسة الأغلفة الأرضية الأربعة فهي متعددة منها العام المشترك مثل نظم المعلومات الجغرافية ونظم الاستشعار عن بعد والخرائط ومنها ما هو خاص بفرع من فروع المعرفة التي تتناول دراسة الأغلفة الأرضية آنفة الذكر.

ولقد تم تجاذب الحديث بين الزملاء ومعالي الوزير حول قضايا لها طبيعة أكاديمية صرفة، ومنها ما يتعلق بالتنظيم والتنسيق ومنها العام والخاص، ففي مجال التعاون مع الجامعات المرموقة التي يمكن أن تحقق من خلال البرامج الأكاديمية في مجال التدريس والبحث العلمي، وهذا له علاقة بالأستاذ الجامعي والطالب، فيمكن تعاون الأكاديميين في الجامعة هنا مع عدد من الجامعات الأوروبية والآسيوية والأمريكية على شكل برامج دراسية وبحوث ودراسات مشتركة، وبالنسبة للطلاب يمكن التعاون ببعث الطلاب لفترات قصيرة أو طويلة إلى جامعات عالمية واستقبال طلاب من تلكم الجامعات في جامعات المملكة.

ودار الحديث بخصوص إنشاء برامج موازية للمسار الأكاديمي لتلبية بعض حاجات المجتمع ولكافة فئاته، إذ من المعلوم أن المسار الأكاديمي المعتاد قد لا يناسب فئات من الناس لم يتمكنوا من الانخراط في المسار المعتاد فيمكن أن تصمم لهؤلاء برامج خاصة يحصلون من خلالها على دبلومات يستفيدون منها في حياتهم المعيشية أو لتحقيق تطلعاتهم الذاتية، ولمحت الوزير يدون بعض النقاط التي تم التطرق لها.

وأشار الوزير للسنة التحضيرية لطلاب الجامعة في العلوم الصحية والعلوم الأخرى، هذا الموضوع الذي تمت المطالبة به من سنوات عدة وجاء الوقت لأن يتخذ قرار بشأنه، حيث إن الطلاب بعد انخراطهم في الجامعة قد لا يدركون التوجه المناسب لتخصص أكاديمي معين ويعتمدون في الغالب على معلومات يستقونها من أسرهم أو أصدقائهم أو من زملائهم، وبتعريض الطلاب المقبولين لسنة تحضيرية تحتوي على مجموعة من المقررات التي تشمل المجالات الثقافية والأدوات التقنية الأساسية واللغوية والرياضية (الجبر وعلم التفاضل والتكامل)، تمكنه من اتخاذ قرار أفضل لاختيار التخصص الذي يرغبه.

وفيما يتعلق بجامعة البنات والاعتماد على النفس، أو مسألة (الاستقلالية مقابل التبعية،) ولطالما خاضت الجامعات في هذا الموضوع وتخوض فيه، وتقدم قدما وتؤخر أخرى بشأنه، وقد نكون نعيش مرحلة انتقالية بين التبعية والاستقلالية، أما الوضع الحالي بالنسبة لكليات البنات التي ألحقت بجامعات فوضعها صعب، حيث اتبع من يديرها ومن يدرس فيها أنظمة لا تتوافق مع الأنظمة الجامعية الممارسة، والنتيجة واقع أقل ما يقال عنه عبارة: (لا هم في العير ولا في النفير)، فهل هي مسألة وقت ويتم بعد ذلك استيعاب الأنظمة والتقاليد الأكاديمية ومن ثم تطبيقها، كما ذكر الوزير، فنقول نرجو ألا يطول الوقت الذي يخسر نتيجة لتضييعه الجميع.

وبالنسبة للتقنيات ودورها في تطوير البحث والتدريس في الجغرافيا، وينسحب على جميع التخصصات في الجامعات السعودية، فإن وجد قسم لا يزال يتبع الطرق التقليدية ولا يوظف المتوفر من التقنيات في مجالي التدريس والبحث العلمي، فسيتخلف التخصص عن مواكبة الركب، وستتسع الفجوة ويصعب اللحاق بغيره، وسيترتب على ذلك تخريج طلاب غير مواكبين لحركة التطور العلمي الوثاب.

وأعلم أن قسما أكاديميا عريقا ومهما قدم مؤخرا دراسة تقويمية ذاتية، وورد في الدراسة عبارة ذات علاقة بأحد جوانب الضعف فيه تقول: لا يتوفر في القسم معامل تقنية متطورة لتدريب الطلاب فيها.

وهذه طامة كبرى فأين القسم ومن فيه من المسؤولين عن هذه المسألة المهمة؟ ولقد اتبع القسم منهجا يعرف ب (التحليل الرباعي،SWOT analysis وتعني الحروف الواردة في المصطلح، بعد نقلها إلى اللغة العربية: نواحي القوة والضعف والفرص والمخاطر، ولو قلنا مداعبين باللهجة المحلية: وش السوات؟ لجاز لنا أن ندعي أن المصطلح جاء من مجتمعنا أصلا وفصلا!، ولن يفوت عن ذهن القارئ الكريم أن هذا السؤال يطرح عندما تجابه الواحد منا مشكلة ويود التوصل إلى حل لها، وللحديث صلة إن شاء الله.

* أستاذ الجغرافيا بجامعة الملك سعود رئيس مجلس إدارة الجمعية الجغرافية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد