Al Jazirah NewsPaper Wednesday  18/06/2008 G Issue 13047
الاربعاء 14 جمادىالآخرة 1429   العدد  13047
الاستيطان الإسرائيلي
عبد الله بن محمد السعوي

امتداداً للمشاريع الاستيطانية الآنفة، أعلنت الدولة العبرية، وبآلية تسفر عن حقيقة نواياها, وتؤكد عدم توافرها على رغبة حقيقية في السلام، عن مشروع استيطاني جديد هو الثاني خلال شهر واحد بالقدس الشريف!. هذا الإعلان الذي ينص على استحداث

1300 مسكن إضافي للمستوطنين يشكِّل ضربة قوية, وصفعة متناهية الحدّة, تدفع بمساعي السلام للانهيار وتقوض جهود التهدئة الأمنية مع الفلسطينيين على نحو يلقي بكامل المسؤولية على أطراف المجتمع الدولي لتباشر مهمتها لعرقلة هذا المشروع وإيقاف حراكه, والعمل على وضع حد لكل ممارسة ذات منحى استيطاني.

إنّ صمت المجتمع الدولي وعدم تدخله الإيجابي، وكونه لا يحرك ساكناً في الشأن الفلسطيني، بات يمثل كبير إغراء حدى بإسرائيل إلى توظيفه فيما يعود على مشروعها بالتوسع, بل بات الكيان الصهيوني يسابق الأيام ويفاجئ الفلسطينيين والعرب بشكل يومي بمخططات جديدة يجري تنفيذها, لإرباك عملية السلام القابلة أصلاً للانهيار, فهي على شفا جرف هار, ولإدخال المنطقة كرّة أخرى في أتون الاحتراب.

إنّ حكومة إيهود اولمرت التي لم ولن تنجح إلاّ في رفع وتيرة التوتر مع الفلسطينيين، فضحت مصداقيتها وأسفرت عن زيف ادعاءاتها عندما أعلنت عن هذا المخطط في هذه البرهة الحالية، وهي تروم من وراء ذلك لفت الأنظار والتقليل من حدّة الضغط الاجتماعي الذي يستهدف أولمرت شخصياً ويطالبه بالاستقالة والتنحي عن منصبه بفعل فضائح الرشى المالية التي تعرّض لها.

إنّ مما يبعث على الأسى ويثير الشجن, أنّ هذه المخططات الإسرائيلية القاصمة لظهر عملية السلام، تتزامن مع تصدُّع البيت الفلسطيني وانقسامه الداخلي غير المسوغ والذي وضع الكل, سلطة, وحكومة مقالة, وحماس, وفتح, بل والمجتمع الفلسطيني عن بكرة أبيه, في وضع لا يحسدون عليه, وضعهم في مأزق أساء لقضيتهم وأضرّ بها، ومنح إسرائيل فرصاً إضافية كافية, تمكنت من اهتبالها وتنفيذ استراتيجياتها, بل وبمباركة أمريكية, أرغمت الجميع على الانصياع للأمر الواقع الذي هي من باشر اجتراح تدشينه؛ إنّ مقتضيات هذا المنعطف المصيري في تاريخ الأمة, وتداعيات الظرف الآني البالغة الخطورة, تستدعي توحيد الصفوف وترتيب المأوى الفلسطيني من الداخل, والتوجه صوب هدف سام مشترك وتجاوز الخلافات ولو على نحو مؤقت, والانطلاق نحو الانخراط في أعمال وطنية موحدة, وهذا الشأن لن يتحقق إلاّ باستئناف حوار موضوعي جاد بين حركتي حماس وفتح, حوار يردم الهوة, ويجسر الفجوة, ويوحد الرؤى المتناقضة لصالح رؤية وطنية تجمع بين ألوان الطيف, وتصهر مختلف المكونات في بوتقة واحدة, تتوارى جراءها الاحترابات الداخلية, ولتصطف الأيدي جنباً إلى جنب لمواجهة إسرائيل وإفشال غاياتها الأمنية, وتحسير مشروع استيطانها الامبريالي, وبالتالي تحجيم تطلعها الإمبراطوري.

إنّ تهيئة الجو النفسي لحل الخلافات البينية من خلال تداول الحوار الهادئ هو الخطوة المبدئية لرص الصفوف وتجسيد التماسك الداخلي، وبالتالي توليد المشاعر الإيجابية التي تصب إفرازاتها في مصلحة المواطن الفلسطيني الذي لا يزال بحثه جارياً لاسترداد كرامته المسلوبة!.



Abdalla_2015@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد