Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/06/2008 G Issue 13055
الخميس 22 جمادىالآخرة 1429   العدد  13055
نوافذ
الضحية
أميمة الخميس

تنشر الصحف بين الحين والآخر أخباراً لبعض الفتيات اللواتي ارتبطن بعلاقات مع بعض الشباب، وبعدها قام الشباب بتوريطهن عبر صور مشتركة بينهم، لتصبح تلك الصور أو المقاطع المسجلة مصدراً لابتزاز شرير يوظف ضد أولئك الفتيات، إلى أن يتم إنقاذهن من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

آخر الأخبار التي نشرت في هذا المجال ظهرت في جريدة الجزيرة حول فتاة استطاع شاب أن يبتزها لسنين طويلة وأن يسلب منها ما يوازي 800 ألف ريال من رواتبها.

طبعاً الخبر مؤلم ويشعرنا بالأسى والحرقة، أمام مشهد الضحية المستلبة العاجزة التي تسلم رقبتها للجلاد كالنعجة دون أن تكون قادرة على التصدي أو المواجهة أو حتى عدم التورط منذ البداية، لاسيما أن الفتاة التي تنشر أخبارها قد تم إنقاذها ونجت، بينما قد يكون هناك في الظلام العديدات ما زلن يكابدن الخوف والعجز والشلل المرعوب.

وحينما نتأمل في هذه القصص سنعلم بأن خلفها شخصيات هشة خاوية متماهية مع دور الضحية ومتقبلة لها بالشكل الذي يجعلها متهيئة لتنزلق إلى هذه المنزلقات الخطيرة دون أدنى مقاومة.

فالفتاة التي تشربها الثقافة منذ بواكير الوعي بأنها ضعيفة وهشة وقابلة للخدش، ولابد أن تكون تحت الحماية الدائمة، والثقافة التي تشربها بأنها لابد أن تكون تحت رقابة دائمة ووصاية متصلة لأن الخطيئة هو جزء أساسي من تكوينها. والفتاة المطوقة بثقافة العيب والصمت، عند أول فرجة من الوقت أو غياب الرقيب فإنها ستتورط بسهولة في ظل غياب الرقيب الذاتي أو عدم تدريبه وتطويره. (لأنه حتماً ليس هناك من سجن كامل)والرقيب الذاتي بالتأكيد لا يبزغ فجأة من لا مكان, بل يزرع عبر سنين طوال من الحب والحدب وبث الثقة في النفس وغرس الإحساس بالتميز والتفوق والقدرة على الإنجاز والفعل. أيضاً الدعم النفسي ودعم الشعور بالقدرة على المواجهة عند الشدائد والتصدي لها وسط محيط عائلي مفعم بالمحبة والتفهم. واعتادت الثقافة أن تميز وتجل المرأة (أخت الرجال)، أي أن قيم الفضيلة والمنعة والعفاف لا تنبع من أعماقها أو ذاتها، هي تنبع فقط إذا أصبحت هي مضافاً والرجال.. مضافاً إليه مجروراً وجاراً لجميع القيم التي تخصها.

الفتيات اللواتي يتورطن بهذه الصورة هن بالتأكيد يعانين هشاشة داخلية وغرقاً في المشهد التقليدي، الذي هو عبارة عن قطيع نعاج وفضاء يعج بعواء الذئاب المفترسة والمتربصة. بالتأكيد هذا الفضاء المريض والمشحون بهاجس الخطيئة، سينتج حتماً أخباراً بصورة متواصلة مع اختلاف في بعض التفاصيل عن نعاج تجرأن أن يعبثن قليلاً خارج القطيع.... فالتقمهن الذئب.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد