Al Jazirah NewsPaper Sunday  29/06/2008 G Issue 13058
الأحد 25 جمادىالآخرة 1429   العدد  13058
لماذا نلوم الجامعات؟!
د. فهد بن علي العليان

في كل عام تدور أحاديث حول مصير خريجي وخريجات الثانوية العامة، وفي كل عام - كذلك- توضع وزارة التعليم العالي والجامعات في قفص الاتهام وأمام بوابة المساءلة والتحقيق، حيث يعتقد كثير من الآباء والأمهات- مع أن مطلبهم عزيز وأمنيتهم مقدرة وغالية- أن أبناءهم وبناتهم لابد أن يلتحقوا بالجامعات حتى وإن حصلوا على معدلات متدنية. إن الإحصاءات في كثير من الدول المتقدمة تشير إلى أن نسبة كبيرة من الخريجين لا يلتحقون بالجامعات، بل يتوجهون إلى المعاهد الفنية والكليات التطبيقية وغيرها.

إن مما يؤسف له أن كثيراً من خريجي وخريجات الثانوية العامة يصرون على الالتحاق بالجامعات حتى وإن قبلوا في تخصصات لا يرغبونها، وذلك نظراً للثقافة المجتمعية التي تدفعهم إلى دخول الجامعة، ولعجز الجهات التعليمية الأخرى عن استقطابهم ابتداء. ومن هنا فإن سؤالاً لابد من طرحه وهو: أين دور الكليات التقنية والصحية والمؤسسات التعليمية الأخرى من استقطاب هؤلاء الخريجين والخريجات؟!

لقد أولت الدولة - وفقها الله- التعليم الفني والتدريب المهني اهتماماً كبيرا، سعيا لتخريج كوادر وطنية فنية مؤهلة تسد حاجة القطاعين الحكومي والخاص، وتساهم في مشروعات الوطن العملاقة. إن الواقع العلمي والتقني الذي يعيشه العالم اليوم، والتطور الذي تشهده المملكة يحتاج إلى توفير خبرات مدربة وقادرة على المساهمة في النهضة الشاملة، مما يحتم على الجميع السعي والعمل الدؤوب لسد حاجة السوق المحلي من الفنيين المهرة من خلال تطوير مناهج ومقررات الكليات التقنية لتواكب هذه التطلعات.

إن مما يؤسف له ويلحظه كل أحد هو كثرة الفنيين الوافدين في مختلف التخصصات لدى الشركات المؤسسات السعودية، ومن هناك فإنه لا بد - من وجهة نظري- أن تعمل الكليات التقنية والمعاهد الفنية المتخصصة على زيادة قدرتها الاستيعابية لقبول أعداد أكبر من الطلاب والطالبات. كما أنه لا بد من العمل على حل مشكلة أخرى تتمثل في أن كثيراً من خريجي وخريجات الثانوية لا يقدمون على الالتحاق في تلك الكليات والمعاهد إلا إذا فقدوا فرصة الحصول على مقعد في الجامعات. وأعتقد - جازما- أن الحل يكمن في ضرورة محاولة المؤسسات التعليمية الأخرى لتكون مؤهلة وقادرة وجاذبة لهؤلاء الخريجين، وذلك من خلال تقديم البرامج والدورات المتخصصة المناسبة، بالإضافة إلى أهمية توفير المكافآت الدراسية والرواتب المجزية لشغل وظائف هذه التخصصات.

وبما أن الحديث عن قبول الطلاب والطلبات، فإن تنظيم شأن القبول الذي قامت به الجامعات الحكومية بمنطقة الرياض يؤكد على أهمية إنشاء مركز قبول موحد للقبول في الجامعات والكليات التقنية والصحية وغيرها تحت مظلة وزارة التعليم العالي، بحيث يتم إنشاء نظام تسجيل آلي موحد للقبول يستطيع من خلاله خريجو وخريجات الثانوية التسجيل إلكترونياً اعتماداً على رقم السجل المدني.

إن هذا المركز الموحد للقبول - في حالة إنشائه- سيتيح الفرصة لقبول أكبر عدد من الطلاب والطالبات، كما أنه سيساعد في معرفة عدد خريجي وخريجات الثانوية الذين لم يحصلوا على مقاعد في الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى، مما يتيح لمسؤولي وزارة التعليم العالي إجراء الأبحاث والدراسات العلمية لمعالجة أوضاعهم وأمثالهم مستقبلاً.

وأخيراً، فإن علينا جميعاً - بعيداً عن رمي التهمة على الجامعات وحدها- أن نسعى إلى تثقيف أبنائنا وبناتنا وتهيئتهم لدراسة التخصصات التي يستفيد منها وطننا الغالي لسد النقص وزيادة أعداد المؤهلين في هذه التخصصات، لأننا أمام خريجيين وخريجات متلهفين لخدمة وطنهم، وأمام احتياجات تقنية وفنية تزداد يوماً بعد آخر.



alelayan@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد