Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/07/2008 G Issue 13060
الثلاثاء 27 جمادىالآخرة 1429   العدد  13060
هذرلوجيا
أغاريد القمري النجدي (2/2)
سليمان الفليح

إلى نواف منيف

قلت في المقالة السابقة كيف اجتاحني شدو القمري النجدي الذي لم أحدد مصدره بعد، وبالطبع كان الشدو يتناغم مع الإيقاع العذب الذي يأخذ بالألباب ويذكر المخلوق الحزين مثلي في ليل الصحراء كيف اجتمع في قلبه الشقاء وغربة الذات والعشق الموؤود مع تراكم الأيام، وأحسست أنني أمضي إلى الصواب مشدوهاً كما تستدل الطيور على وكناتها في سفوح الجبال، وتذكرت أن (تأبط شراً) حينما حاصره الأعداء في قمة الجبل الأملس فرش صدره ل(يزل عن الصفا) باتجاه القاع وقلت لأفعل مثله بحثاً عن مصدر الصوت ولكنني في الوقت ذاته تذكرت سبيلاً آخر كان يفعله زملائي المغاوير الذين تخرجوا من معسكر (أنشاص) في مصر الحبيبة والذين استشهد بعضهم في اجتياح خط برليف الرهيب إذ كانوا ينزلون من الأعلى إلى الأسفل في العمائر العالية عبر حبل مربوط ثم يهبطون طابقاً طابقاً ونافذة نافذة ثم يركلون النوافذ المغلقة بأحذيتهم الثقيلة وهم يطلقون الصرخات لذلك قلت لأهبط من الدور الثالث عشر للرجم بهذه الطريقة نحو مصدر الصوت الشجي، وبالفعل حينما استبد بي الشجو وانتشيت بالغناء البهيج فقدت التحكم بالذات واستعملت حبلاً - افتراضياً- وشيئاً فشيئاً وجدتني أركل النافذة اليمنى من الشقة الثانية في سفح المرقب العالي للرجم وهبطت مثل (سوبرمان) أمام صاحب الشقة كالجني المباغت وقلت له أحسنت أكمل أيها الفنان الاستثنائي الرائع في هذا الزمن الملوث بالغناء الرديء، فاستمر ولم يلتفت إلي لأنه كان مندمجاً مع العود ويتأبطه بعناق حار كما يعانق الحبيب حبيبه بعد فراق طويل، وحينما أنهى المقطوعة الأخيرة انتبه لي ملء السمع فقلت له: يا صباح البهاء (يا نواف منيف) يا من تمثل وتختصر كل ما قلت ويا أيها الفنان الرائع الجميل ويا صوت الصحراء الأخضر الرنام.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد