Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/07/2008 G Issue 13069
الخميس 07 رجب 1429   العدد  13069
من أجل فك التحالف الإيراني السوري
تصنع سلال خاصة في بروكسل وأنقرة وباريس!
عبدالإله بن سعود السعدون (*)

لم يستيقظ رئيس وزراء إسرائيل من نومه القلق في هذه الليالي المهددة لمستقبله السياسي ليعلن عن حلم السلام المنتظر بين سوريا وإسرائيل وبعد أن بلع الساسة الإسرائيليون وثيقة رابين الشهيرة التي سلمها إسحاق رابين إلى الرئيس كلينتون وسُلم الرئيس الراحل حافظ الأسد نسخة منه لالتزام دولة إسرائيل بالانسحاب من هضبة الجولان وإعادتها إلى السيادة السورية بعد تحقيق السلام الكامل بين دمشق وتل أبيب وتتويج هذه الجهود الدولية بمظلة أمريكية وبالمقابل تحقيق حالة من السلام الكامل المنتهي بالاعتراف السوري بدولة إسرائيل وحقها في الحياة وتبادل السفراء بين العاصمتين. وجمدت كل الاتصالات بين سوريا وإسرائيل بعد اغتيال رابين وإزالته عن طريق السلام على أيادي اليمين المتطرف والذي يتزعمه آنذاك شارون - نتنياهو وتغير المسار وتخللت هذه الفترات اتصالات وجس نبض سوري إسرائيلي عن طريق وسطاء وسماسرة سياسيين وحسب الضرورة الإقليمية والدولية.

وقد ارتسمت كل فقرات المسلسل السياسي الأمريكي في الشرق الأوسط والهادف بالدرجة الأولى لحماية مستقبل دولة إسرائيل وضمان تفوقها سياسيا واقتصاديا وعسكريا عن كافة دول الجوار الغربي والإقليمي والتي بالذات من له علاقات متوترة وقلقة مع إسرائيل وعلى رأسها التحالف الإيراني السوري والذي يهدد أمنها وتفوقها العسكري.

وكانت حرب تموز 2006 نكسة قاسية على الآلة العسكرية الإسرائيلية بعد أن وصلت صواريخ المقاومة اللبنانية نصف إسرائيل وكشف العمق اليهودي أمام أسلحة المقاومة وتهمشت دباباتها في شمال فلسطين ولم تستطع أن تتقدم قدماً واحداً داخل حدود لبنان ولم ينقذ سمعتها العسكرية تفوقها في المجال الجوي ولم تستطع الوصول إلى أي هدف سياسي من خلال اعتدائها على لبنان العربي ومن خلال حرب سوداء طيلة خمسة وثلاثين يوماً شعر كل إسرائيلي عاش مراحلها أن هذا الجيش الذي كان يعتقد بقوته وأنه لا يقهر خسر المعركة أمام المقاومة الوطنية اللبنانية التي لقنته درساً قاسياً وأجبرته على إعادة حساباته العسكرية والسياسية وبشعور الخوف الحقيقي على استمرار حياة دويلة إسرائيل ولابد من إيجاد الخطط والمشاريع السياسية البديلة لتحقيق الهدف الوحيد وهو أمن إسرائيل وهذا الهدف تتقاسم أهميته وبنفس الجدية حكومة إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الإدارة الأمريكية وتحركت الدبلوماسية الأمريكية للاستفادة من العلاقة المشتركة والجيدة بين أنقره ودمشق وتل أبيب وجاء إعلان السيد علي بابا جان وزير خارجية تريكا عن احتضان أنقرة وبقاعات فندق سياحي هادئ خارج العاصمة التركية لعقد اجتماعات مباشرة وبوسيط تركي بين المفاوض السوري والإسرائيلي لوضع الأسس الرئيسة لجدول المفاوضات إن اتفق عليه بين هذين المفاوضين لتظهر إلى العلن ويتم معرفة أسقف الطلبات الإسرائيلية وبالمقابلة القبول بها من الجانب السوري وتسربت معلومات لها أهمية عالية عن طريق مزارع شبعا إلى سوريا وهذا تنازل مرّ جداً بالنسبة للجانب الإسرائيلي ولا بد أن يستلم المفاوض الإسرائيلي مقابل هذا العرض المغري جداً ثمناً غالياً جداً أيضاً في سوريا يتعلق بأمن وسلام دولة إسرائيل يأتي في مقدمة هذه المطالب الإسرائيلية فك الارتباط السوري الإيراني ويشمل أيضا علاقات حزبية مهذبية في لبنان وتجميد هذه العلاقات الإقليمية وضمان عدم شن أي هجوم عسكري من سوريا وجنوب لبنان على الأراضي الإسرائيلية وبضمان دولي أمريكي وأوروبي! وقد تكون هذه من أصعب وأدق المفاوضات السياسية المصيرية في العالم لعدم الثقة بالوعود الإسرائيلية وللخشية بأنها تقدم هذه العروض السخية والتي تؤثر مباشرة بمستقبل دويلة إسرائيل دون الحصول على مقابل أصعب من هذا العرض الإسرائيلي من الجانب السوري أيضا وقد علق الرئيس بشار الأسد في دلهي واصفا صعوبة هذه المباحثات ونتائجها مع المفاوض أولمرت ليست مثل شرب الشاي!

وللعلاقة المباشرة بين مباحثات أنقرة وحركة خافير سولانا المكوكبة بين بروكسل وطهران لنقل مسودات لمشاريع (تشويقية) ليعرضها على المسؤولين الإيرانيين لوضع الملف النووي الإيراني في مادة السلمي وإيقاف المفاعلات النووية المنتشرة في كل جغرافية بلاد فارس والتي وصلت إلى مرحلة ما بعد تخصيب اليورانيوم والانتقال إلى المرحلة الحرجة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل والمؤثرة جداً إقليميا ودوليا متلازمة أيضا بعدم مبالاة رسمية إيرانية تترجمها تصريحات الرئيس أحمدي نجاد بإعلانه نهاية دويلة إسرائيل بجهود إيرانية!

وهناك أذان مفتوحة تنتظر الرد الإيراني النهائي على المقترحات المشوقة لدفع إيران بقبولها وعلى رأسها مساعدات اقتصادية سخية ورفع الحظر السياسي والاقتصادي عنها والأهم من ذلك فسح مساحة واسعة للنفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي ودول الجوار الإيراني وعلى رأسها غض النظر عن النفوذ المتزايد في السياسة فإن البدائل قد يكون هبوب ظروف صعبة جداً على إيران وفي المستقبل القريب ترجمتها المناورات الجوية الإسرائيلية لطائراتها النفاثة من طراز ف16 وف18 المتطورة والتي كانت أهدافها مرافق مصنعة تماثل في شكلها وموقعها المفاعلات النووية الإيرانية.

وقد يكون الرئيس الفرنسي أكثر قرباً من أفكار الرئيس الأمريكي بوش في معالجة الملف النووي الإيراني فحرك الأسرة الأوروبية نحو نشاط دبلوماسي يعتمد على جبهتين أولها تحسين العلاقة بسوريا إثر المصالحة اللبنانية وتحويل تلك العلاقة الجديدة إلى صداقة شخصية مع الرئيس الأسد ودعوته لاحتفالات ذكرى قيام الجمهورية الفرنسية في الرابع عشر من تموز القادم ومشاركة أولمرت أيضا لهذه المناسبة التاريخية الفرنسية لم تكن مصادفة بروتوكولية بل لها هدف بدأ فجره في أنقرة وقد يكون الغروب في باريس وتجميد الملف النووي الإيراني في ثلاجة شديدة البرودة بطهران.

إن المؤشرات الإقليمية والدولية تعطي صوراً سريعة وقلقة عن مستقبل الأحداث المنتظرة في منطقة الشرق الأوسط وربطها جميعا بسلسلة واحدة أما إن تمسك سفينة السلام في مرساها أو مر أتمنى ألا يحدث حدسي هذا بضياع نفس السفينة بأعصاير خطيرة أقسى من سواهي وكل النكبات الطبيعية الأخرى. اللهم سخر العقل والحكمة في عقول صانعي القرار في العالم وجنبنا شرور مجانينه.. آمين.

(*) محلل إعلامي - عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد