Al Jazirah NewsPaper Friday  11/07/2008 G Issue 13070
الجمعة 08 رجب 1429   العدد  13070
لما هو آتٍ
سأوليك اليوم حرفي...
د. خيريّة إبراهيم السَّقّاف

لا تفضّوا المهرجان فالمتحدِّث الرئيس لم يقل كلمته بعد

* هذه العبارة كتبتها في قصة طويلة عن العلاقة بين الكاتب والقارئ ضمن مخطوطاتي ...

ذهبت فيها لتلك الجدليّة المعلنة أحياناً والهادرة في صدور الكتُّاب في غالب الأحيان تحديداً من ينشرون في وسائل الاتصال المباشر...

فالأغلبية كما سبق أن قلت تجدهم يقرأون مراسلات وتعقيبات قرّائهم وكأنّها أمر مفروض على هؤلاء القرّاء...

ذلك لأنّ بريق القلم إن لم ينفخ الجيوب لكنه ينفخ كثيراً من الجنوب...

صحيح أنّ هناك قلّة من الكتّاب يخافون أن تأخذهم أقلامهم إلى سجن أنفسهم في دواخلهم... عندما يتلبّسون هالات الضوء ويلتحفونها ويخنقون أنفسهم داخل سياجاتها...

في ظني أنّ الكاتب يفقد تأثيره في منأى عن قارئه...

وهو في الوقت ذاته لا يتكوّن له هذا التأثير إلاّ حين يبني له قارئه سلماً يتمكن عنه من أن يكون في واسطة يتحلّق من حوله مريدوه... ليس بغرض الهالة بل بأغراض التكوين والخلق والتجديد والتأثير المثمر وبعث جمال كلّ بذرة يغطيها من الهبوب ما يغطيها حيث تكون من الإنسان...

القلم ليس مفتاحاً فقط بل هو القفل ذاته...

وهو ليس الراسم للكلمة فقط... بل الناطق بها حين تكون الكلمة هي صاحبها...

ومن ثم حين تغدو هي قارئها...

عندئذ على الكاتب أن يكون هو قارئه الذي ينطق معه بما يكتب... ويكتب هو بما ينبض قارئه...

علاقة متفاعلة تدور في حلقة تبدأ من نقطة... وتنتهي إليها في الدائرة... لا بدء ولا نهاية... .

لذلك حين يكون على الكاتب أن يقول شيئاً فلا بدّ له أن ينتظر ما يقول القارئ...

ولذا لا يحسن أن ينفض مهرجان الحروف دون أن يحضر لاضمها المعنيُّ بما رُسمت له...

* * *

كثيراً ما يدهشني من يقول : أكتب لذاتي...

أو من يتعالى على قارئه حين يخاطبه بفوقية وعنجهية...

أو من لا يلقي بالاً لما يعقب به قراؤه على ما يكتب سالباً فيتقبّله بالمناقشة وتبادل الرأي...

أو موجباً يفضي للشكر والامتنان فيبادلهم الشعور بالتقدير... .

* * *

لعلّني أشعر بإلحاح الحاجة الراهنة لمدِّ الجسور بين الكتَّاب ومريديهم...

فلكلِّ وقت احتياجاته...

والوقت الراهن يستدعي إماطة اللِّثام عن صمت الكلام...

فضايا الإنسان وهرولة الانغماس في لجج البحر...

وطفو الطمي على عيون البشر... وأنقاض قيم الجمال... وقتل الفرح في الصدور...

وتواطؤ الغموض بين الماء والسراب... وبين الشذى الطبيعي والمصنَّع...

وضبابية الرؤية لأبعاد الطرق...

تجعل مهمّة الكتُّاب على أهبة جسر...

أوليس يقف في أوله الكاتب وليس في منتهاه القارئ...؟

* * *

(فلا تفضّوا المهرجان ... فالمتحدث الرئيس لم يقل كلمته بعد)

...

** قارئي العزيز أبو عبد الكريم 1 سأولي تعقيباتك الاهتمام بمقال منفرد بها إن شاء الله...

وشكري لك كبير وعميق ...

بارك الله فيك.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد