Al Jazirah NewsPaper Monday  14/07/2008 G Issue 13073
الأثنين 11 رجب 1429   العدد  13073
أضواء
صنع الفضاءات الإيدلوجية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

من حق النظام الإيراني كما هو من حق أي نظام أو دولة أن تعمل على مد نفوذها وتحقيق مصالحها.. خاصة إذا ما سلك ذلك النظام وتلك الحكومة الأساليب المشروعة وفق الأنظمة الدولية المرعية أو على الأقل الالتزام بما تحققه له قنوات العمل سواء كان هذا العمل دعوياً أو خيرياً وحتى دبلوماسياً.

وإيران مثلها مثل باقي الدول لها مصالح ولها طموحات بعضها يدخل ضمن ما تعمل من أجله الدول، والبعض الآخر يدخل ضمن (أجندة) الأنظمة (المؤدلجة) والنظام الإيراني ينبع أو يتبع إيدلوجية دينية مذهبية فكرية، وهو بالتالي يعتبر من أهم مهامه نشر فكر هذه الأيدلوجية الدينية الفكرية لتكون بمثابة فضاء فكري يعزز النظام.

وما يقوم به النظام الايراني ليس جديداً على الأنظمة التي تنبع وتتبع فكراً موجهاً، فالنظام السوفياتي كان يجند كل أجهزة الدولة في الاتحاد السوفياتي لنشر الفكر الشيوعي، والنظام الناصري كان يستغل السفارات المصرية ووسائل الاعلام والكتاب المرتبطين بالحكومة المصرية وظيفياً وفكرياً وعاطفياً كالكتاب والصحفيين الناصريين للترويج ونشر الفكر القومي الناصري.

ومثلما كان الاتحاد السوفياتي يخصص ميزانية ضخمة ويجند مئات الآلاف من ناشري ومهندسي (البروكوندا) والتبشير الفلسفي والفكري، كانت آلة الدعاية والارشاد والتوجيه القومي في عهد عبدالناصر تتربع على موازنة تفوق موازين الأمن والدفاع ولها من الأنصار والرجال ما يجعل وزارة الثقافة والارشاد أكبر الوزارات في ذلك العهد.

وقد تكشفت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والتحول الديمقراطي في مصر بعد انقضاء عهد الناصرية كم من المليارات من الدولارات قد أهدرت للترويج ونشر الفكر الشيوعي والناصري، كل ضمن خارطة التوجه المستهدف من قبل موسكو والقاهرة.. والمضحك أنه ورغم كل تلك المليارات لا تجد تأثيراً للشيوعية ولا للناصرية في (الفضاءات) التي كانت تسعى موسكو والقاهرة للاستحواذ عليها.

الآن نظام ايران يقوم بنفس الأدوار ويطبقون نفس الأسلوب، فكل أجهزة النظام مشغولة بالترويج للفكر الذي ينتجه النظام وفق أجندة متفق عليها ولا اختلاف هنا في المصطلح فإذا كان السوفييت ينشرون الشيوعية، والناصريون يسعون إلى تعميم القومية العربية، فإن الايرانيين يعملون على نشر وتعميم فكر ولاية الفقيه عن طريق نشر المذهب الشيعي وبالتحديد المذهب الاثني عشري الذي يتبع بعض من علمائه نظرية ولاية الفقيه التي يقوم عليها النظام الإيراني، ولتحقيق هذا الهدف يتم تجنيد كل أجهزة الدولة ومنها الممثليات والسفارات والملحقيات الثقافية.. وهو ما سنكمل به بحثنا الذي بدأناه يوم السبت عن (فتنة شق الصف الإسلامي ) ينشر التشيع .



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد