Al Jazirah NewsPaper Wednesday  16/07/2008 G Issue 13075
الاربعاء 13 رجب 1429   العدد  13075
مركاز
تعطيش السوق!
حسين علي حسين

تتربع شركة سابك على قمة صناعة الحديد في المملكة مثلما هي متربعة على قمة مصانع البلاستيك، ومع سابك هناك ثلاثة مصانع كلها لا يصل إنتاجها إلى جزء من إنتاج سابك، ولذلك سيكون الأمر واضحاً أمامنا، ونحن نرى بندول الحديد يتحرك صاعداً وبجنون، ورغم إيقاف تصديره للدول المجاورة وغير المجاورة إلا ان السعر مازال مرشحاً للصعود أكثر وأكثر.. ولا يوجد مجال لكي نطلب معونة حديد، مثلما طلبنا معونة أرز فالذين يأكلون الحديد قلة من ذوي المزاج العالي والذوق الرفيع لذلك يستحسن ان يتركوا ليواجهوا مصيرهم، فلهم وقف بناء منازلهم ومجتمعاتهم ومصانعهم أو الاستمرار في الصعود مع الحديد الذي سيباع مستقبلاً بالجرام فهو ليس أقل من الذهب، إلا في اللون، بل إن لون الحديد من سواد الليل، وهو لون شاعري فيه من الهدوء والسكينة بقدر ما فيه من الهيبة وقوة الشكيمة!

ولكي نتوقف عن لوم سابك وأخواتها علينا أن ننظر من حولنا لنرى ان سعر هذا المنتج أصابه ما أصاب غيره من مواد البناء والغذاء والعلاج لكننا نطمع أن تكون لهذا المنتج قاعدة كبيرة وواسعة في بلادنا، فهذا من شأنه تقديم العديد من البدائل من حيث السعر والنوعية، لكن الحقيقة المرة تقول: إن وزارة التجارة أعطت أكثر من 40 ترخيصاً لصناعة الحديد لكن التي مارست منطوق التصريح أربعة فقط، على رأسها سابك، أما بقية التراخيص فإنها تتداول مثل السندات عبر الإنترنت، وقد وصل سعر الترخيص إلى 15 مليون ريال وعمولة السمسار مليون ريال، وقد قيل الكثير في السبب الذي يدفع أصحاب هذه التراخيص إلى بيعها، بدلا من ترجمة الترخيص إلى مصنع على أرض الواقع، ومن هذه الأسباب (تعثر الإجراءات الإدارية في الجهات الحكومية من فسوحات المواد الخام المستخدمة في تصنيع الحديد..) ويقول أحد المسؤولين في الغرفة التجارية بالرياض (إن نشوء سوق للتراخيص الصناعية وتدويرها يأتي من إعطاء التراخيص لمستثمرين غير جادين، ومن ثم عدم متابعة سير التراخيص وتنفيذ المشروع على أرض الواقع فتبقى المصانع ورقية!)

وحالة تداول التراخيص الورقية ليست جديدة في بلادنا، فهي صناعة عتيدة، فهناك من يبيع ترخيص مطبعة، وهناك من يبيع ترخيص استيراد أغنام، لكن أن نجد من يبيع ترخيص مصنع حديد فهذه قضية واسعة وخطيرة، وليس لها من حل سوى فتح الباب على مصراعيه، لمن يريد ترخيصاً، أي ترخيص، بشرط واحد أن تكون للترخيص مدة محددة لممارسة الإنتاج، يتم حال انقضائها إلغاء الترخيص، هذه هي الطريقة الوحيدة لنعرف وعلى أرض الواقع، ماذا لدينا من المصانع والمعامل والشركات والمؤسسات، ولنقطع الطريق على ضعاف النفوس الذين يتقوتون حتى على الهواء!

وأيضاً نقضي على مافيا التستر التي امتدت في كافة الاتجاهات حتى دخلت العمالة البسيطة في الصناعة والتجارة وما بينهما من المنتجات المحظورة، ولا يكلفهم الأمر إلا فزاعة محلية تقيض جعلا آخر الشهر، لتضع الستائر السميكة على من يتسترون عليهم، ولن أستغرب غدا إذا وجدنا ترخيصا غير مفعل، من تراخيص الصناعات الحديدية يقف على قمته أحد هؤلاء الذين دخلوا من الباب الأمامي كعمال سباكة أو نظافة، ومن الباب الخلفي كأصحاب محلات ومصانع، طالما أن رخص مصانع الحديد يتم الحراج عليها عبر الإنترنت ومن يدفع يأخذ!!

وأبقى مع سابك هذه الشركة الكبيرة التي تقدم المنتج ربما بأسعار معقولة لكنهم التجار الذين يعمدون إلى أسلوب تعطيش السوق بتخزين الحديد والالمونيوم والاسمنت حتى ترتفع الأسعار أكثر وأكثر، ومن لا يلجأ لهذه الوسيلة يسير القوافل المحملة بهذه المواد إلى الدول المجاورة حيث هامش الربح أكبر وأسرع ما هي عقوبة من يلجأ لهكذا وسائل لرفع الأسعار؟ للأسف.. لا توجد إجابة!!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد