Al Jazirah NewsPaper Wednesday  16/07/2008 G Issue 13075
الاربعاء 13 رجب 1429   العدد  13075
بلا تردد
ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين
هدى بنت فهد المعجل

كانت النقلة الحقيقية ل(فوقية محمود أحمد ندا) عام 1966م بفيلم (حارة السقايين) مع محمد عوض، وأمين الهنيدي، إخراج السيد زيادة، وقدمت فيه أغنيتها الشهيرة (ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين) وحققت نجاحاً عظيماً ونفدت آلاف النسخ منها بعد طبعها على أسطوانات وشرائط، وكانت الإذاعة المصرية تعيد إذاعتها ليل نهار وظل الجمهور سنوات طويلة يطلبها منها في الحفلات.

فما الذي سنخرج به من تأمل هذا المقطع من أغنية (فوقية محمود) أو (شريفة فاضل) كما عرفت جماهيرياً..؟

* * *

(ما تروحش تبيع الميّة في حارة السقايين)..

بلا شك لن يجد له زبوناً في تلك الحارة.. فلماذا نوى بيع الماء فيها، إذاً..؟!!

* * *

لنتأمل مقطعين من الأغنية..

على مين على مين - على مين يا سيد العارفين - بتبيع الحب لمين - إن كنت جاي تغني روح أسأل أبلا أنا مين - ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين..

ما فيناش حاوريني يا كيكة - ما فيناش لف ودوران - ما بقاش فيه وقت يا روحي للشكوى والهجران - لك ماضي كله سوابق في الحب مالوهشي أمان - وأنا عايزة حب حنين مش حب يودي لمان - أنا عمري ما أحب الخاين ولا أحب الكذابين - ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين..

* * *

بيع البضاعة المغشوشة على من تمرس على الغش.. أو تتلمذ عليه وتربى.. وربما طفح غشاً من الآخرين حتى أدركهم ووعاهم فأصبحت لديه حصانة منهم..

وربما عرض بضاعة ما في حارة - وحي أكتظ بها بالصورة نفسها والكيفية ذاتها دون محاولة تمييزها بمحسنات بديعية.. وبهارات نادرة..

الأغنية مضى عليها عقود ومازالت متمسكة بفلسفة هذا العصر ليس في مسألة الحب والعشق والهوى.. بل في جميع مناحي الحياة والتعاملات الإنسانية في الداخل والخارج..

* * *

كي ننجح في البيع ينبغي أن لا نبيع البضاعة المعروض توأمها على امتداد شوارع الحارة كلها.. لأن البضاعة سيصيبها الكساد.. ويخرج مهنا صاحبها بالخسارة..

تصفحي وبتمعن نشرة (المبوبة) الأسبوعية.. كم صالون ومركز تجميل نسائي في الحي الواحد يعرض خدماته على الزبائن بأسعار تنافسية وإمكانيات لا يشبههم فيها صالون آخر.. فإذا طرقت باب تلك الصالونات وجدتها تقدم نفس الخدمات لا جديد وما الإعلان سوى طعم ظنوا أن الزبونة ستلتهمه (غباء)..

كل معلمة رتبت لفكرة التقاعد خططت لفتح مركز تجميل نسائي.. تكاثرت الصالونات في الحي الواحد ولكن البقاء للأجود الأعرق الأصدق في النية والهدف..

* * *

ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين..

يتذاكى من (أخذ في نفسه قلم) على الأذكياء.. قاصداً إيذاءهم.. اصطيادهم.. مغافلتهم فيقع في الفخ قبل أن ينفذ فكرة، وبمجرد أن عبرت ذهنه نية التذاكي..

كلمات الأغنية أسست ل(ثقافة الفهم والوعي والإدراك) التي قد يتوهم بعضكم إلمامه بها في حين يكون أبعد البشر عنها..

أفهمك... أدرك حقيقتك.. أعي ما في نفسك.. فهل لابد من الإعلان عن فهمي لك.. وعيي وإدراكي..

الحيل قد تمارس بطريقة أو بأخرى للوصول إلى الهدف المنشود.. والمكر أيضاً.. ولكنها قد لا تمارس بأسلوب جيد وبوسيلة متقنة.. وإن توهمنا الجودة والإتقان لأن من رتبنا له الحيل أشد منّا مكراً...

وأحياناً نمرر المكر علينا حتى يستمتع من مارسه ضدنا ويثق في نفسه وقدراته مثل تمرير مكر الأطفال وخدعهم (اللبنية)..

* * *

ما تروحش تبيع المية في حارة السقايين..

من الممكن بيع الماء في (حارة السقايين) إذا ضيعنا عليهم، وأخفينا عنهم (أدوات) السقاية فترة زمنية طالت أو قصرت..!!

إضاءة خافتة

قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء... وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب... فكيف بمن سقى رجلاً مؤمناً موحداً وأحياه..

وسقت بغي من بني إسرائيل كلباً يلهث من العطش عندما نزلت إلى البئر فملأت خفها وسقته فغفر الله لها.







Happyleo2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6086 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد