Al Jazirah NewsPaper Monday  21/07/2008 G Issue 13080
الأثنين 18 رجب 1429   العدد  13080
معالجة انفصام العلاقة الاجتماعية

تفشي ظاهرة الإرهاب في الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية بصفة خاصة لم يأتِ من فراغ، فقد كشفت الحوارات التي تضمنتها عروض حلقات البرنامج الأسبوعي (همومنا) والذي عرضت آخر حلقاته أمس، كشفت عن ثغرات عديدة في تعامل المجتمع مع الشباب، وأن هناك فجوات كبيرة في علاقة الفرد بالمجتمع، وأن هذه العلاقة اهتزت حتى أثرت على أساسياتها وجذورها، فالشاب اختلت علاقته حتى بأسرته من خلال تباعد العلاقة بينه وبين والده ووالدته وإخوته، فضلاً عن ضعف هذه العلاقة بمجتمعه الصغير (المدرسة أو الجامعة).

ولأن ضعف هذه العلائق يتبعه تراخٍ، بل وحتى انعدام الروابط الأساسية والقيم التي يتربَّى عليها الإنسان وبعضها تولد مع ولادته كالوطنية والمواطنة والتربية، والأهم من ذلك الدين والعقيدة، فكل هذه الروابط والعلائق يصيبها الاهتراء والضعف نتيجة تباعد الإنسان عن البيئة والوعاء الاجتماعي الذي يترعرع فيه.

ولأن الحياة وسلوكيات الإنسان مبنية على أسس وبديهيات تولد مع الإنسان منذ الخلق، فالله جلت قدرته خلق مع الإنسان الميل والاتجاه إلى جنسه، فالإنسان ابن مجتمعه، ولا يمكن أن يعيش منفصلاً عنه، ولأن المجتمع والأسرة والمدرسة لم تعط الاهتمام ولم توفر الرعاية الصحيحة الواجبة، اتجه نفرٌ من الشباب إلى الجهات والأطراف الأخرى التي تعطيه ما افتقده؛ فالمحرومون من المواطنة والذين لا يستشعرون ولا يعيشون طعم الوطنية، والذين يحرمون من التربية القويمة، وجدوا في (رفاق السوء) من دعاة الفكر الضال والفكر المنحرف (الدعم السلوكي) الذي يعوِّض حرمانهم مما افتقدوه عند أهلهم ومجتمعهم ووعائهم التعليمي، ومدوا جسور التلاقي والتواصل معهم عبر أدوات التقنية الحديثة، كالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) أو في متابعة الفضائيات التي تبث السموم الفكرية والانحرافات الأخلاقية، والنتيجة تكون تصنيع فئة من الشباب الضالين فكراً ليكونوا أدوات جاهزة لتغذية الإرهاب.. أو فئة أخرى من الشباب المنفلتين والمنحرفين أخلاقياً مدمَّرين سلوكياً يصبحون بعد فترة وقوداً لتغذية الجماعات الإرهابية التي تجيد وسائل تجنيدهم من خلال إثارة عقدة الانحلال والتكفير عن مرحلة الانحلال.

وكل هذه النتائج المدمِّرة سببها عدم الاهتمام ببناء علائق سليمة بين الفرد والمجتمع والأسرة، وغياب الرؤية السليمة في تطبيق مناهج جيدة في التربية تعمل على إعداد وتأهيل إنسان قويم يستشعر قيمة الوطنية ويعرف أهمية الانتماء لوطن يحتضنه وأهله، وعقيدة يستمد أخلاقه وسمو قيمه منها.










 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد