Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/07/2008 G Issue 13089
الاربعاء 27 رجب 1429   العدد  13089
أين أولمرت من المحكمة الجنائية الدولية!؟
عبدالله محمد القاق

في سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة قرر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير متهماً إياه بارتكاب (جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وإبادة ارتكبت في دارفور).

هذه الادعاءات الكاذبة التي رفضتها السودان، عبر نائب الرئيس السوداني تمثل إجراء يهدف إلى زعزعة الامن في هذا القطر العربي، والسعي ....

..... لتقسيمه على غرار ما يجري الحديث عنه في العراق فضلاً عن أنه يسهم في إشاعة عدم الاستقرار في القارة الافريقية، ولا سيما وأن الرئيس السوداني عمر البشير عبر عن سياسته الواضحة والسليمة والإنسانية عقد العديد من الاتفاقات من أجل تحقيق السلام في الجنوب، وبخاصة في دارفور..

فإذا كان المدعي العام أوكامبو حريصاً على توفير الأمن والاستقرار في دارفور.. ويهدف إلى إشاعة الأمن هناك، عبر هذه المحكمة التي تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا لم يقدم على إصدار مذكرات توقيف بحق القادة الإسرائيليين والأمريكيين الذي عاثوا في دول العالم فساداً، واضطراباً وتقسيماً، خاصة في العراق وأفغانستان وفلسطين،؟ وهل نسي المدعي العام أوكامبو ما قامت به إسرائيل من جرائم ابادة في طولكرم ونعلين ونابلس وغزة وغيرها.. وهل ينسى ما اقترفته إسرائيل من مجازر بشعة في الخليل، وجنين، حتى ان لجنة دولية شكلت للبحث في مجازر (جنين) التي روعت العالم، غير ان أمريكا أبطلت مفعول قرار هذه اللجنة التي توقفت عن عملها لأنها - بلا شك - ستدين قادة إسرائيل، ومن بينهم شارون ونتنياهو وأولمرت، وباراك وموفاز وغيرهم من قطعان المستوطنين.

فالرئيس السوداني المعروف بسياسته الوطنية والقومية والذي رفض تسليم أي من مواطنيه للمحكمة الجنائية لأنها مطالبات (كيدية) هدفت من ورائها المحكمة استرضاء الولايات المتحدة في شن حملات شرسة ضد الرئيس السوداني الذي مضى عليه في الحكم زهاء تسعة عشر عاماً، وهو يسعى إلى تنفيذ المصالحات الوطنية وحل مختلف القضايا العالقة في بلاده بالرغم من أن أمريكا والدول الأوروبية تسعى لفصل الجنوب عن الشمال طمعاً في الحصول على الثروات الطبيعية واليورانيوم وغيرها من المواد التي تعتبر ذات أهمية كبيرة في تطوير الأسلحة المتعددة في دارفور التي تزيد مساحتها عن دول كفرنسا وإسبانيا،

إن هذه المذكرة الدولية ضد الرئيس يجب أن ترفض عربياً وإسلامياً، وأن يتنادى قادة الدول العربية إلى عقد اجتماع طارىء وفي أقرب وقت بغية اتخاذ مواقف عربية موحدة حيال هذا القرار الجائر ضد الرئيس السوداني وأن يسعى هؤلاء القادة إلى المطالبة بمحاكمة قادة إسرائيل الذين ارتكبوا المجازر في دير ياسين وكفرقاسم وصبرا وشاتيلا وقانا اللبنانية ومدرسة بحر البقر المصرية، وملجأ العامرية التي قصفته القوات الجوية الأمريكية، وذهب ضحيته العشرات بل المئات من الأبرياء العراقيين،

فإذا كانت الصين وروسيا أجهضتا البيان الرئاسي الذي كان من المقرر ان يصدر عن مجلس الأمن الدولي والذي كان قد دعا في حيثياته (السودان إلى التعاون مع مجلس الأمن الدولي وتقديم أية مساعدة ضرورية للمحكمة الدولية في تسليم وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون وعلي كوشيب المطلوبين لديها) فان الدول العربية مدعوة إلى الوقوف بكل حزم إلى جانب الرئيس السوداني ورفض المحاولات الرامية إلى تسليم الرئيس السوداني إلى المحكمة الدولية خاصة وان الرؤساء مصانون من أية قضايا تمسهم.

أما بالنسبة لتسليم هارون وكوشيب فان لدى السودان محاكم قضائية مشهود لها بالكفاءة والحصافة والعدل ومن شأنها ان تفصل في مختلف القضايا الراهنة خاصة وان هناك محاكم قضائية في دارفور أصدرت أحكاماً بالإعدام على كل من ثبت تورطه في جرائم بدارفور ولقيت هذه الأحكام ارتياحاً دولياً،

وإذا كان براون رئيس وزراء بريطانيا، وبرلسكوني رئيس وزراء إيطاليا والرئيس ساركوزي يطالبون السودان بالتعامل الإيجابي مع قرارات المحكمة الدولية فإن هؤلاء الزعماء مدعوون إلى المطالبة أيضاً بإحالة رؤساء وزراء إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية إلى التحقيق لاقترافهم جرائم حرب وابادة ضد الانسانية في فلسطين والعراق وأفغانستان وبعض الدول الافريقية، لأن قرار المحكمة الدولية التي أعلنته الولايات المتحدة قبل يومين من صدوره يدل على انه قرار (كيدي) ويدعو إلى الدهشة والاسف ويثير قلق الامتين العربية والإسلامية حيال هذه المواقف ولا سيما وان المحاكمات أمام هذه المحاكم التي انشئت تهدف إلى ضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية وفقاً لنظامها الأساسي المعتمد في روما عام 1998,فتوقيف رئيس دولة عربية كالسودان في هذا الوقت الذي يسعى الرئيس البشير إلى حقن الدماء في دارفور ووأد الفتنة بين مختلف الأعراق السودانية.. ومن خلال متابعته الحثيثة لمرتكبي الجرائم التي وقعت في دارفور عبر فصائل متناحرة هناك وتقديمهم إلى المحاكم، هذا العمل الدولي عبر هذه المذكرة يشكل انتهاكا صارخاً للقوانين والأعراف الدولية ويمثل وصمة عار في حق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في حين أنه يصمت عن جرائم الإبادة الجماعية اليومية التي ترتبكها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد شعب يرزح بأكمله تحت سلطة الاحتلال عبر الستين سنة الماضية الذي يمارس عليه سياسة التجويع والتشريد والقتل والإبادة والاغتيالات.. هذه الجرائم المتعددة التي يتباهى بها أولمرت وليفني وباراك وموفاز تحت سمع وبصر العالم.. كل ذلك يعتبر تدخلاً سافراً في شؤون السودان ودوره الوطني والقومي الأمر الذي يتطلب من قادة الدول العربية والاسلامية المزيد من الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والأمم المتحدة لوقف (مهزلة) توقيف الرئيس البشير، والتي سيلقى عرض الأمر على الأمم المتحدة رفضاً دولياً خاصة من كل من روسيا والصين اللتين شجبتا هذه المذكرة التي قد تؤدي إلى انتقام عنيف في الجنوب ضد قوات حفظ السلام الدولية التي يقوم السودان بتقديم كل التسهيلات لها لمواصلة أعمالها وتوفير الأمن والاستقرار في السودان والذي يعمل الرئيس البشير على تجسيده في شماله وجنوبه رغم التحديات الكبيرة التي تواجهه بشتى الوسائل.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد