Al Jazirah NewsPaper Wednesday  30/07/2008 G Issue 13089
الاربعاء 27 رجب 1429   العدد  13089

التدخل العسكري في إيران سيكون كارثة على العالم كله

 

سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة -وفقه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا شك أنه من المفيد أن يطلع قراء جريدة الجزيرة على أفكار رجال لهم خبرة كبيرة في مجالات متعددة في مختلف شؤون الحياة. وقد أحسنت جريدة الجزيرة حينما انضم إلى كتابها مجموعة كتاب من خارج المملكة العربية السعودية كل واحد يكتب في مجال تخصصه. ومن هؤلاء الكتاب روبرت سكيد لسكي عضو مجلس اللوردات البريطاني، وأستاذ فخري لمادة الاقتصاد السياسي بجامعة وارويك، الذي كتب مقالة بعنوان (إعادة النظر في التهديد النووي الإيراني)، نشرته جريدة الجزيرة بعددها رقم (13082) في 20-7-1429هـ الموافق 23- 7-2008م. ومن وجهة نظري أن المقالة فيها النظرة الواقعية والمهمة حول موضوع التجاذب الأمريكي الإيراني بشأن السلاح النووي الإيراني. ولأن الضربة الخاطفة لإيران واردة سواء كانت هذه الضربة أو الفتنة جاءت من أمريكا أو من إسرائيل (لا فرق) بينهما فهما وجهان لعملة واحدة كل واحدة منهما تريد الشر والدمار لدول الخليج العربي والطمع المضمر لنهب خيراته إذا وجدتا لذلك سبيلاً. وقد وضع الكاتب روبرت سكيد لسكي عنواناً لمقالته يوحي بعدم الموافقة على هذا التهديد النووي لإيران، وابتدأ الكاتب مقالته بهذا السؤال: (أهي كارثة عظمى أن تمتلك إيران أسلحة نووية؟!!) ولعل معظم القراء يتفق على أن امتلاك السلاح النووي يعد كارثة عظمى على البشرية سواء امتلكته إيران أم امتلكه غيرها؛ ولكن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي أخطر وأكبر كارثة على العالم العربي والإسلامي نظراً لمركز إسرائيل في الوطن العربي والتي تحتل جزءاً من الأراضي الفلسطينية العربية، ونظراً لامتلاك إسرائيل لما يزيد عن 150 رأساً نووياً كلها موجهة ضد العرب والمسلمين. ولعله من الحكمة أن تسعى الدول العظمى ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن إلى إخلاء الشرق الأوسط بما فيه إسرائيل من جميع الأسلحة النووية. ومن المهم جداً أن تبادر أمريكا وروسيا بالاتفاق فيما بينهما على تخفيض مخزونهما من الرؤوس النووية من ستة آلاف لكل واحدة منهما إلى ألف، وهذا التخفيض هو الرأي الذي يؤيده روبرت سكيد لسكي من خلال مقالته تلك، وهو يميل في الوقت نفسه إلى معنى البيت التالي:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

ولا شك أن استخدام القوة العسكرية لمنع إيران من السلاح النووي يعد كارثة على دول الخليج العربي وعلى إيران نفسها، بل يضر باقتصاد العالم كله نظراً لما تمتلكه دول الخليج العربي من الثروة النفطية التي تعد شريان العالم كله.

وبصفتي مواطن سعودي فإنني لا أعرف الأهداف السياسية من استخدام القوة ضد الدول، ولا يستخدم القوة ضد الأبرياء إلا الحمقى، بيد أنه من الضروري استخدام القوة في حالة الدفاع عن النفس وعن الوطن لدرء الشر المحدق به، وهذا حق مشروع لا غبار عليه.

وقد ذهب الكاتب روبرت سكيد إلى فرضية مفادها أن إيران تتظاهر بالتعاون مع الغرب لشراء الوقت اللازم لتصنيع القنبلة النووية وإنتاج نظام صواريخ قادر على حملها إلى إسرائيل. ويتساءل الكاتب قائلاً (فهل يبرر ذلك توجيه ضربة عسكرية وقائية إلى إيران كما تطالب دوائر معينة في إسرائيل والولايات المتحدة؟!).وذكر الكاتب أن هذا التدخل العسكري في إيران قد ينتهي إلى نتيجتين هما: فقد تستكين إيران وتسالم كما فعلت ليبيا بعد أن قصفتها الولايات المتحدة أو قد تتحول إلى عراق ثانٍ.

أقول: إنه من المؤسف جداً أن تقارن إيران بليبيا؛ وذلك لاختلاف القوة العسكرية والسكانية والاقتصادية والسياسية في إيران عنها في ليبيا. وعلى هذا الأساس تختفي نتيجة الضربة الأمريكية لليبيا وتبقى نتيجة واحدة فقط وهي عراق ثانٍ، بل قد يكون هذا هو الهدف الأصلي من الضربة المحتملة لإيران، وقد تكون مقصودة ومخططاً لها بالخفاء ضد دول الخليج العربي بما فيها إيران على الجانب الشرقي من الخليج العربي. ولقد صار من الضروري أن يجتمع ملوك وأمراء وسلاطين دول الخليج العربي بالإضافة إلى رئيس الجمهورية اليمنية لتدارس كيفية صد الأخطار المحتملة للدول الخليجية بما فيها اليمن التي تتأثر تأثيراً مباشراً بما يحصل لدول الخليج العربي بحكم الأخوة والجوار.

ولعله من الخطأ الذي لا يغفر أن تترك مهمة الدفاع عن المصالح المشتركة لدول الخليج العربي إلى غير أبنائها، بل لا نريد أن يدافع عن الخليج العربي إلا أبناؤه فقط، بل لعلني أصل إلى خلاصة ملخصها منع وقوع التدخل العسكري في إيران مهما كانت مبررات هذا التدخل فإن النتائج لهذا التدخل ستكون كارثة على العالم كله وليست دول الخليج العربي وحدها. ومن المهم أن يختار قادة دول الخليج العربي الوسائل التي تؤدي إلى إبعاد الخليج العربي عن خطر الحروب، وهم أدرى بمصالح شعوبهم.

سالم بن عبدالله الخمعلي


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد