Al Jazirah NewsPaper Thursday  31/07/2008 G Issue 13090
الخميس 28 رجب 1429   العدد  13090
شيء من
الحورية ع بتستنى!
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

لا أعتقد أن الإسلام في جميع مراحله مر بمرحلة من الديماغوجية، وسيطرة الخطاب التثويري، وانتقاء المفاهيم التي تغري الشاب بالتضحية بالنفس؛ خدمة لأهداف محض سياسية، مثل المرحلة التي يمر بها المسلمون الآن، وأهم ما برز في هذه المرحلة، وبالذات في الآونة الأخيرة، ثقافة (الحور العين)، وتدافع الشباب السذج من الانتحاريين نحو تفجير أنفسهم للفوز بالاستمتاع الجنسي بهذه النساء الحسناوات (الحور العين) كما يعدهم أساطينهم.

عبدالعزيز العمري الذي فجر برجي نيويورك مع رفاقه (يوصي) زملاءه ليلة العملية - كما جاء في جريدة الشرق الأوسط - قائلاً: (اعلموا أن الجنان تزينت لكم بأحلى ظلها، و(الحور) تناديكم وهي قد لبست أحلى حللها)!

وفي فلسطين يشيع الحماسيون واحداً من الانتحاريين بهتاف يقول: (يا شهيد اتهنا اتهنا، الحورية ع بتستنى) فتردد وراءه جموع المشيعين الهتاف، وكأن تحرير فلسطين - كما يقول الكاتب صقر أبو فخر - (قضية جنسية) والهدف إطفاء شبق جنسي، والانتحار مجرد وسيلة لتحقيق هذه الغاية، وليست نضالاً وتحرير أرض مغتصبة كما كانت بداية العمل الفدائي الفلسطيني.

والذين يكرهون الحياة والاستمتاع بها لا يجذبهم نحو الحياة الأخرى إلا الذي فقدوه في الحياة الدنيا فالغريزة الجنسية المكبوتة والتي كانت لديهم منبع الشر والغواية تصبح هنا قوة جذب رئيسة، عندما يقوم أساطين ودعاة الإرهاب بتفعيلها وإشعالها في (لاشعور) الشباب الساذج من خلال إغرائهم بالحور العين اللواتي سيتلقين المنتحر عند أبواب الجنان، كما هو خطابهم الدعوي، لذلك فالأغلبية الطاغية من الانتحاريين هم من الشباب (الأعزب) المكتظ شبقاً جنسياً، فيندر أن تجد متزوجاً يقوم بالعمليات الانتحارية، لأن الدافع (الشبق الجنسي) لم يعد عاملاً مؤثراً.

وهذا لا يعني أنني أهمش باقي الأسباب الأخرى، كالاضطراب النفسي، والخلل التربوي، والشحن الأيديولوجي، والإحساس بالإحباط، وخلافه من الدوافع النفسية والاجتماعية الأخرى، إنما أرى أن هناك عوامل عدة، متى ما اجتمعت وتضافرت دوافعها، تجعل الشاب مهيأ أكثر، وفي غاية الجاهزية لتنفيذ العملية الانتحارية.

الجوع الجنسي، والرغبة العارمة لإشباعه، هو أحد العوامل التي لم تحظ باهتمام الباحثين لهذه الظاهرة كما يجب، ولعل التركيز على (الحور العين) في أدبيات خطاب التحريض الانتحاري يشير وبقوة إلى هذه القضية.

وإذا كان فرويد هو أول من اكتشف البعد الجنسي في تصرفات الإنسان، وبالذات الإنسان المضطرب نفسياً، فإن أساطين دعاة ومجندي الإرهابيين الانتحاريين هم أول من وظفوه لخدمة أهدافهم بفاعلية.

وفكرة الحور العين لخدمة الإرهاب لم تكن اختراعاً إرهابياً معاصراً، فقد سبق المعاصرين فيها مؤسس فرقة (الحشاشين) الحسن بن الصباح في أواخر العقد الخامس الهجري، في قلعته (آلموت) بخراسان، التي كان فيها يجري شحن الشباب أيديولوجياً، وتدريبهم على فنون القتال والاغتيالات، وطرق التخفي، ثم يرسلهم كالسهام الانتحارية في مواجهة أعدائه وخصومه لخدمة مذهب بن الصباح والتمكين له، في حالة أشبه ما تكون بظاهرة ابن لادن والقاعدة وانتحارييها، وكانت (الحور العين) من أهم الإغراءات التي كانت تدفع الشباب المراهق المنتمين لهذه الفرقة لقتل أنفسهم آنذاك، وسوف أتطرق إلى أسلوب وطريقة ابن الصباح بشكل تفصيلي في مقال قادم إن سمحت الفرصة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد