Al Jazirah NewsPaper Monday  01/09/2008 G Issue 13122
الأثنين 01 رمضان 1429   العدد  13122
أهيب بقومي!
الحج إلى إسرائيل من أجل الرئاسة الأمريكية!
فائز موسى البدراني الحربي

قبل نهاية رئاسة كل زعيم أمريكي وبداية رئاسة زعيم آخر، صار من المتعارف عليه أن يقوم كل منهما بعدد من الإجراءات والأعمال المهمة، فالرئيس المغادر لا بد أن يقوم في آخر أيامه بتزويد الخزينة الإسرائيلية بأكبر قدر ممكن من المساعدات المالية على حساب الخزانة الأمريكية، ليثبت صدق ولائه لإسرائيل، وحرصه على مستقبلها وهو يترجل من عرش الرئاسة، وهذه الأموال المحوّلة للدولة العبرية تأتي تحت مبررات تعلن سنوياً؛ منها تعويض إسرائيل عن خسائرها في محاربة الإرهاب الذي يقصد به المقاومة الفلسطينية بالطبع، ومنها ما هو تعويض لخسائرها من جراء الحروب الخارجية مثل حربها مع لبنان أو هجماتها المنفذة أو المتوقعة على بعض المواقع المعادية في العراق أو سوريا أو لبنان، أو غيرها، ومنها ما هو لمساعدة الدولة العبرية المدللة لمواجهة التضخم العالمي، ومنها ما هو لتعويض إسرائيل مقابل دخولها في مفاوضات السلام، لكن الأهم من ذلك هو الحرص على تزويدها بأحدث الأسلحة المتطورة لدعم تفوقها على جيرانها الذين سيقذفونها في البحر الأبيض المتوسط!!

كما أن الرئيس المرشح لزعامة أمريكا يلزمه أن يقوم بزيارة سياسية لإسرائيل، وهي الزيارة التي قد تحولت إلى عرف رئاسي، بل ربما تحولت إلى فريضة حج لا يجوز في العرف الصهيوني الأمريكي أن يصل رئيس أمريكي جديد ما لم يكن قد قام بزيارة إسرائيل، وطاف حول المبكى، وسعى حول محرقة الهولوكست المزعومة، ولبس الطاقية اليهودية، وما يتبع ذلك من ذرف الدموع على ما تعرض له اليهود من الظلم، وإعلان صداقته ومناصرته لدولة إسرائيل، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والتأكيد على التزام أمريكا بتفوق إسرائيل، والتأكيد على حق إسرائيل باتخاذ ما تراه مناسباً من أجل الدفاع عن نفسها، والتحذير من أعدائها الهمجيين مثل إيران وحماس ومن شاكلهم..

إن هذه الإجراءات قد أصبحت ممارسة معروفة لا يتقاعس عن أدائها أي من الرؤساء الأمريكيين المعاصرين، بل إنها تتطور من عام إلى آخر لتصبح أكثر وضوحاً ورسوخاً.. أما نصيب أصدقاء أمريكا العرب فيأتي على هامش تلك الواجبات التي تؤدى لإسرائيل، فالمرشح الجديد للرئاسة الأمريكية يسمح له في إسرائيل أن يوجه للعرب كلاماً طيباً بقدر ما يحقق له كسب أصواتهم رغم قلة تأثيرها مقارنة بأصوات اليهود، فلا ينسى أن يحثهم على الاستمرار في عملية البحث عن السلام برعاية أمريكية، وأن يتعاونوا مع الإسرائيليين في هذا المجال، ويتمنى على الطرفين أن يسيرا حثيثاً حول التطبيع، ولا ينسى أن يؤكد للعرب في كل عام أنه متفائل بحل قضية فلسطين قبل نهاية العام، وقبل نهاية المدة الرئاسية!!

وإضافة إلى ذلك فإن الرئيس يسمح له في حدود معروفة ومتفق عليها أن ينتقد الصديقة إسرائيل نقداً غير مبرح لا يتجاوز الحنجرة؛ كأن يقول: إن الاستمرار في بناء المستوطنات لا يساعد على حل القضية، أو أن يقول: إن أمريكا لا تتفق مع إسرائيل حول بناء الجدار العازل، أو حول بناء المستوطنات.

وقد يتشجع فيقول إن أمريكا تعارض الإفراط في استخدام القوة الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي أحياناً في قمع الشبان الفلسطينيين العزل..

على هذه الأسطوانة المشروخة يتكرر المشهد مع كل فترة رئاسية جديدة، وينام العرب على هذا الحلم مع قدوم كل رئيس جديد، ويستيقظون على الوهم مع مغادرة كل رئيس، وتجني إسرائيل العنب، ويحصد العرب الحصرم!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد