Al Jazirah NewsPaper Wednesday  03/09/2008 G Issue 13124
الاربعاء 03 رمضان 1429   العدد  13124
فن التفاوض والإقناع

التفاوض فن يجيد استخدامه صناع الدول ومنفذو السياسات الخارجية الذين توكل إليهم مهمة الدفاع والمنافحة عن الحقوق التقليدية للدول وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية لها، ولا يفوض للقيام بهذا الدور في الغالب إلى من كان على دراية كاملة بمسلمات المواقف وثوابت الأوضاع ولديه القدرة الكافية من الحصافة والذكاء والقدرة على الالتفاف حول الواقع مع عدم التخلي عن الأسس الأخلاقية والذوقية والالتزام بإبداء حسن النوايا وعدم الوقوع في فخاخ الشخصية المتطرفة التي يلقى عليها اللوم دائماً في فشل كل جولة من المفاوضات بين الندين أو الدولتين.

هذه المقدمة تقودنا إلى التساؤل حول مدى حرفية المفاوض العربي ومدى خلفياته التجهيزية سواء من ناحية إعطاء مساحة في اتخاذ القرار أو من حيث الاستعداد النفسي والشخصي وتوفر القدرات الذاتية من الرزانة وعدم الاستعجال أو التطرف في المواقف، ولعل في قضية فلسطين التي هي الواجهة التاريخية للمفاوضات العربية التقلديدية خير مثال يطرح للنقاش، ففي عام1948حملت وقائع المفاوضات مع اليهود على وقف اطلاق النار ما يثير التندر والشفقة فعندما احتدم الخلاف بين المفاوض العربي ونده الآخر على ما يقارب السنتيمتر على الخريطة قام (أبو عرب) بالتخلي عن هذا الحيز الضيق على الخارطة ضارباً انموذجاً عن الكرم الحاتمي الممزوج بالنزق العنتري، ليكتشف فيما بعد ان تلك المساحة تشكل عشرات الكيلو مترات من الارض العربية!!

لقد أضحى علم وأسلوب التفاوض من الأهمية بمكان بحيث يعدله ما يحتاجه من كادر سياسي مدرب ومبرمج على أساليبه ودهاليزه، لكي لايكون الاسلوب التقليدي هو الطرح العربي الوحيد على طاولة المفاوضات، بل يجب أن يدخل في ذلك علم النفس وعلم السلوك التعبيري وعلم الشخصيات ومداخلها الحركية، بالاضافة إلى عناصر ومكونات الشخصية المفاوضة الضروية كقوة الشخصية والمرونة والذكاء وعدم اخذ النقاش باسلوب متطرف، وهذا هو ديدن كل الدول التي تعنى بالدفاع عن مصالحها الاستراتيجية سواء كان ذلك بقوة السلاح أو بحد الكلمة والقناع.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد