Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/09/2008 G Issue 13135
الأحد 14 رمضان 1429   العدد  13135
هل كان في معتقل أو منتجع؟
عبد الله بن راشد السنيدي

من المتعارف عليه أن الإنسان المعتقل حين يفك أسره ويخرج للحياة العامة يكون في الغالب هزيلاً وكئيباً إلا أن هذا العرف لم ينطبق على المعتقل سمير القنطار عندما خرج من المعتقل الإسرائيلي الذي أمضى فيه ما يزيد على ثلاثين سنة...

...بسبب مشاركته في خطف وقتل عالم الذرة الإسرائيلي (داني هاران) من مدينة نهاريا شمال إسرائيل وقيامه بقتل ابنة هاران (عينات) ذات الأربع سنوات بعقب بندقيته حسب ما ورد في حكم المحكمة الإسرائيلية التي أدانته وحكمت بسجنه، حيث أمضى في السجن هذه المدة الطويلة قبل أن يفرج عنه ضمن اتفاق تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله اللبناني فقد ظهر القنطار أمام أجهزة الإعلام وهو في صحة جيدة ومعنوية مرتفعة ولسانه يلهج بالثناء على حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، فقد كسبت إسرائيل بذلك شهادة حسن سيرة وسلوك من تلك الحالة الطيبة التي خرج بها القنطار أمام الملأ فقد يتبادر إلى أذهان الآخرين خاصة من غير العرب أن إسرائيل تحسن معاملة الأسرى جميعهم وليس أسرى معينين فقط.

فقد روي بأن إسرائيل سمحت للقنطار بالانتساب لإحدى جامعاتها وسمحت له بمشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف وإمداده بثلاث وجبات غذائية يومياً، فهل هناك سر وراء ذلك؟ بدليل أن القنطار منذ خروجه من السجن وهو يهاجم إسرائيل ويعدها بالويل والثبور وأنه لم يخرج من أرض فلسطين (إسرائيل) إلا ليعود إليها بالإضافة إلى نقده ومهاجمته للعرب وأنهم ليسوا محل ثقة.

إن المعتقل السياسي عادة عند خروجه للحياة العامة ينضم إلى أسرته بهدوء ويلزم الصمت بدلاً من التفوه بتصريحات نارية ينتقد فيها وضع الأمة ويحاول إعادتها إلى المربع الأول الذي عانت منه الأمة العربية طوال السنين الماضية عندما كان بعض زعمائها يهددون بإلقاء إسرائيل في البحر وأن فلسطين يجب أن تعود من البحر إلى النهر، فقد ضيع العرب فرصاً ذهبية عرضت عليهم في سبيل الوصول إلى السلام مع إسرائل ومن ذلك مشروع التقسيم سنة 1948م واقتراح الرئيس التونسي السابق (الحبيب بورقيبة) لحل القضية الفلسطينية، ثم الجهود التي بذلها الرئيس المصري الراحل (أنور السادات) عندما دخل في مشروع السلام مع إسرائيل حيث ربط السادات بين تحرير سيناء المصرية وإقامة حكم ذاتي في الأراضي الفلسطينية لمدة خمس سنوات يتم بعدها إجراء مفاوضات للتقرير في وضع الأراضي الفلسطينية، إلا أن ذلك رفض من الفلسطينيين في حين أن السادات قام بتحرير سيناء من دون طلقة نار.

وبعد أن فات القطار أدرك الفلسطينيون والعرب صحة توجه السادات فسلكوا نفس الطريق، حيث تم إبراء اتفاق (اوسلوا) بين الفلسطينيين وإسرائيل ولم يستثمر الفلسطينيون بعد ذلك الجهود الصادقة التي بذلها الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) في الوصول إلى حل للقضية.

لقد خرج سمير القنطار من المعتقل وكأنه خارج من منتجع وهو يذم العرب جميعاً ما عدا حزب الله ويدعو للجهاد والمقاومة المسلحة متناسياً بأن الأمور تغيرت وأن العرب اليوم يطمحون إلى السلام وحل القضية من دون حروب بما في ذلك سوريا حليفة حزب الله وإيران التي دخلت في الآونة الأخيرة عن طريق الوسيط التركي في مفاوضات مع إسرائيل من أجل تحرير الجولان.

إن العودة للمهاترات والطموحات الخيالية والتصريحات النارية ليست في صالح العرب الذين عانوا كثيراً من أربعة حروب مع إسرائيل لم يحققوا فيها شيئاً سوى حرب أكتوبر سنة 1973م التي كانت مفتاحاً لحل القضية والنزاع مع إسرائيل بالسلام وكأن العرب استشعروا من هذه الحرب بأنه يجب أن تكون هي الحرب الأخيرة مع إسرائيل وهو ما حصل بالفعل عندما دخل الرئيس السادات في مشروع السلام ثم ما جرى في اتفاق اوسلوا ثم المبادرة التاريخية التي طرحت من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - للسلام بين العرب وإسرائيل وهو ما يترتب عليه الالتزام بخط السلام وعدم العودة للماضي الكئيب.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد