Al Jazirah NewsPaper Sunday  14/09/2008 G Issue 13135
الأحد 14 رمضان 1429   العدد  13135
الشيخ صالح اللحيدان واضحاً

الرياض - د. عبدالرحمن العشماوي

هكذا يتعامل الفهم العام مع لغة القرآن، وهكذا تضرب أمتنا المسلمة مثلاً مؤلماً للاضطراب في فهم القضايا فهماً شرعياً سليماً، لأن الناس إذا ابتعدوا عن منهج الله، وتعوّدوا على التهاون بما حرّم الله، أصبحوا قاصرين عن فهم المراد الشرعي لكثير من المسائل والقضايا.

قال الشيخ صالح اللحيدان - وفقه الله - كلاماً واضحاً لا لبس فيه حينما سئل عن مالكي القنوات الفضائية المنجرفة في دروب الفساد الإعلامي المعروف لدى الناس جميعاً، حيث قال - نقلاً عن جريدة (الجزيرة) - (إنّ من يدعو إلى الفتن إذا قُدِرَ على منعه ولم يمتنع قد يَحلُّ قتله، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرّهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاءً).

هذا الكلام لمن يعرف لغة القضاء، وموقف الشرع الحكيم من المفسدين لا غبار عليه، ولو قيل في عصور ازدهار الإسلام وحضارته لما اختلف فيه رأي الخاصة ولا العامة، فهو كلام واضح في مسألة واضحة تتعلق بالفساد في الأرض ولو توقف من بالغوا واشتطوا في تفسير قول الشيخ صالح عند (قد) في قوله (قد يحلّ قتله، وعند( قضاء) في قوله: جاز قتلهم قضاءً، لما أثار الزّوبعة التي أثارها ونحن أهل لغة عربية ذات دلالات ومقاصد لا تخفى على البصير بها، فإن (قد) تستخدم للتقليل ومعناها في سياق كلام الشيخ أن هنالك حالات من الإفساد الإعلامي الصارخ، قد توصّل حكم التعزير الذي يتولاه القضاء إلى حدّ القتل، وقد أكدت هذا المعنى كلمة (قضاء) التي وردت في آخر كلام الشيخ.

ومن هنا ينتفي هذا التعميم (الأهوج) للمفهوم الخاطئ الذي بدأت تتهارش به بعض وسائل الإعلام عبر الفضاء وغير الفضاء.

وينتفي أيضا قول من قال: إن كلام الشيخ اللحيدان يدعم الفئة الضالة والإرهاب، بل إن كلام الشيخ يؤكد خطأ تلك الفئة، فيما تذهب إليه، وارتكابها للجرم فيما تفعله، لأنها تتحرك خارج حكم القضاء، وبعيداً عن أنظمة الدولة فكلامه بعيد كل البعد عن هذا التوجيه الخاطئ.

أيها الأحبة: عالم من علماء المسلمين يتكلم بلغة عربية قضائية واضحة، فإلى متى نبقى على هذه الصورة من سوء الظن، والدخول في أنفاق التأويلات الخاطئة، هذا والله هو الذي يهزّ صورتنا أمام العالم.

لو أن عصابةً من الناس اشتهرت بتعرضها لأعراض المسلمين، وإفساد أبنائهم وبناتهم ليلاً ونهاراً، أصرّت على فعلها، ولم تقبل نصيحة ناصح، ولم ترتدع بتقريع ولا عقاب ولا لوم، حتى أصبح فسادها ظاهراً معلناً لا شك فيه، ثم رفع أمرها إلى ولي الأمر، وإلى القضاء والمحاكم، ثم صدر حكم القضاء فيها بعقوبة مغلّظة، القتل أو ما دونه، فهل سيقول العقلاء من البشر ما يقال الآن عن كلام الشيخ اللحيدان؟!

إشارة:

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن .




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد