أقرأ ما يدور في هذه الصحيفة وسواها من (مقالات) تتعرض في غالبها لشيء من القضايا الاجتماعية - التي كانت يوماً من الأيام خطاً أحمر لا يمس لقناعات ومستلزمات تلك الحقبة - فتناقشها برؤية قد تحتمل الخطأ أو الصواب.

**

ترى كثيراً من تعليقات القراء فينتابك في بعضها شيء من الاشمئزاز وتظنها تمتلك قدرات خارقة وسحرية لاختراق النوايا ومعرفة ما بها وتحليل خفاياها ومقاصدها.. وتصل إلى أبعد درجات الاكتشاف التي لم تصل نية صاحب الرأي - وهي المعنية به - إليها.

**

أقف كثيراً أمام عبارة تتردد غالباً في تعليقات بعض القراء تقول: (من أراد الشهرة فلينتقد العلماء) متهمين صاحب الرأي بالبحث عن شهرة بالتسلق على أكتاف السخرية من العلماء وأهل الدين.. وهم بهذا يضعون دوائر حمراء يمنع تجاوزها أمام أناس لا أظنهم معصومين من الخطأ وينهالون على الناقد بسياط التأنيب والسخرية بدءاً من نيته ومكنونها بل ويتعدون ذلك إلى رسم سيناريوهات لمخطط ومؤامرة تحاك.

**

وعلى اعتبار صحة ما قالوا، فهل من العقل أن نرفض النقد على فئة ونمارسه بأسوأ حالاته على فئة أخرى؟

ثم لو افترضنا أن الكاتب قد نال - خطأ أو عمداً - من البشر الذين يحملون الدين ويعملون به وليس الدين ذاته، فهل من الإنصاف أن نناله في نيته التي لا يعلمها إلا الله؟

أم أن الأجدر بنا أن نقرع الحجة بالحجة؟

**

أن نرفض النقد فهذا يحتم علينا ألا نمارسه، وإلا فلنتقبل رأي الآخر باحترام ليسمع رأينا.. ولنترك النوايا لمن يعلم ما تخفي الصدور.