Al Jazirah NewsPaper Monday  29/09/2008 G Issue 13150
الأثنين 29 رمضان 1429   العدد  13150
السياسة الأمريكية.. داخلياً وخارجياً:
هل وصلت إلى مرحلة الفوضى؟
د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ

والآن جاء دور الانهيارات الاقتصادية في شارع البورصة wall street في نيويورك، ولكن أكان هذا الأمر مفاجئاً، أم أن ذلك يرجع إلى الانهيار في سوق المساكن، وفي سوق التأمينات ومؤسسات القروض بكافة أنواعها.

ثم ما علاقة ذلك بالسياسة الخارجية؟ ألم تلق بظلالها على الاقتصاد الأمريكي؟ وينتهي الأمر بأن دافع الضريبة هو المنقذ للشركات المالية التي أعلنت إفلاسها، وتلكم التي تنتظر دورها.

وكما هو متوقع، في خضم الحملة الانتخابية للوصول للبيت الأبيض، بين أوباما، المرشح الديمقراطي ومكين، المرشح الجمهوري، فرصة للإدلاء بآرائهما من خلال مستشاريهما الاقتصاديين: أوباما يلقي باللائمة على إدارة بوش التي أوصلت السياسة الأمريكية في جانبيها العسكري والمدني إلى ما وصلت إليه من فوضى، ويقول إنه ينادي منذ فترة بضرورة الإشراف الحكومي على المؤسسات المالية التي ترتع في حرية متناهية. أما مكين فمن المعلوم أنه يتبنى موقفاً مغايراً يتمثل في التقليل من الأنظمة المقيدة للقطاع الخاص بشكل عام والمالي على وجه الخصوص.

وعندما وقع (الفأس في الرأس) جاءت الإدارة الأمريكية ممثلة في وزير الخزانة بولسن ورئيس الاحتياطي الفدرالي بن برنانكي للمشرعين في الكونجرس بمقترح تكتيكي (كما وصف)، سيقدمان تفاصيله للكونجرس هذا الأسبوع، لإنقاذ المفلسين من (مؤسسات شارع البورصة) AIG, Bear Stearns and Fannie and Freddie أو من سيكون عليه الدور في الإفلاس. وهذه الحركة من بولسن حدت من الهلع لدى الناس، واستعاد سوق الأسهم في الداخل وعالمياً صحته نوعاً ما.

أما المصطلحات الاقتصادية التي أطلت برأسها، بسبب هذه الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي، فحدث ولا حرج، ومن ذلك illiquid assets الأصول غير السائلة، bad assets الأصول السيئة، toxic assets الأصول السامة.

وثمة مصطلح آخر: (النفوذ) leverage الذي يعني الاقتراض الكبير للوصول إلى أعلى مردود من الأرباح، وهذه مغامرة، في حد ذاتها، قد تؤدي إلى الخسائر الكبيرة، ويشبه ذلك بما كان يستعمله رجل الكهف القديم عندما يجابه بصخرة لا يستطيع تحريكها؛ فيستعين على ذلك بعصا غليظة لتحريكها أو رفعها. أما deleverage فهذه هي عملية تدخل الحكومة وأخذ جميع الأصول المتدهورة لإنقاذ ملاكها من الانزلاق في هوة الإفلاس.

ويتطلب الأمر إصدار تشريعات كصمامات أمان للوضع المالي المتدهور لشارع البورصة wall street لأن حل المشكلة مطروح، وهو المتمثل في إنقاذ bail out المؤسسات المالية المفلسة. أما الأسئلة المفترض طرحها فتتمثل في أسباب التدهور، فمن يدري؛ إذ قد يكون ما لا يعلم أسوأ مما يعلم؟ وقد تكشف الأيام القادمة الأمور؛ فلابد أن أحداً ارتكب خطأ ما؟ وفاتورة الإنقاذ لشارع البورصة فاتورة ضخمة تقدر بـ700 بليون دولار أمريكي، أكثر من الفاتورة التي صرفت على حرب العراق حتى الآن.

وهذا ما أدى بالإدارة المالية الأمريكية، ممثلة في كل من وزير الخزانة ورئيس الخزانة الفدرالية، إلى تكوين ما يعرف ب(مؤسسة الحل الائتمانية) Resolution Trust Corp وسيكون على عاتق هذه المؤسسة الإشراف على إدارة الأزمة؛ حيث إنها بمثابة هيئة لإدارة الأزمة.

أما الفاتورة (المهولة) التي تقترح دفعها إدارة الخزانة الأمريكية لإنقاذ الوضع المالي بشكل خاص والاقتصادي بشكل عام فمن أين ستأتي؟ اقتراض من الصين؟ بيع السندات الأمريكية American Bonds لمن لديهم سيولة: شركات النقط، دول النفط؟... لسان حال الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها بوش نفسه، يقول: تدبر، وبديل أفضل من بديل آخر: (السقوط في الهاوية). وهنا يمكن أن يقال عندما تدهور سوق المال (الأسهم) في بلادنا، والشيء بالشيء يذكر فلم تقم دول أخرى في منطقتنا بوضع ثقلها لإنقاذ أسواقها المالية، كما تفعل دول الغرب والشرق، لانتشال المستثمرين (البسطاء) من حفر الإفلاس؟

وأختم بقول المولى - عز وجل - في محكم التنزيل: {حَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد