Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/09/2008 G Issue 13151
الثلاثاء 01 شوال 1429   العدد  13151
شيء من
كلنا مع القرضاوي
محمد عبداللطيف آل الشيخ

لا شك أن إثارة النعرات الطائفية لها تبعات خطيرة، غير أن الأخطر أن يتم استغلال المذهب، أو الطائفة، لتمرير مصالح سياسية لهذا الطرف ضد الطرف الآخر، هذا الاستغلال الرخيص، والانتهازي، هو الذي يجعلنا نقف في صف الشيخ يوسف القرضاوي في (معركته) ضد انتهازية الدولة الإيرانية (لتفريس) المنطقة، وإرضاخ هويتها وسياساتها لخدمة المصلحة القومية الفارسية، من خلال نشر (التشيع)، والتبشير به، والدعوة له، مستغلين في ذلك الطائفة الشيعية (العربية)، وموظفين - في الوقت ذاته- أجواء التسامح والتقريب بين المذاهب التي شاعت في القرن الماضي بين السنة والشيعة، لتمرير الأجندة التوسعية الفارسية، التي تتخفى خلف التبشير بالمذهب الشيعي.

ومن يقرأ في الخلاف العربي الإيراني، يجد أنه ضارب في جذور تاريخ المنطقة، و(ربما) يكون امتداداً للصراع العقدي بين الإسلام والمجوسية كما يرجح بعض الباحثين.

وقد عمل الإيرانيون منذ وقت مبكر على مد نفوذهم إلى المنطقة المحيطة بهم، فاحتلوا -أولاً- عربستان أو (الأحواز) احتلالاً كاملاً، وألحقوها بالدولة الفارسية، رغم أن هذا الجزء كان حتى منتصف العقد الثالث من القرن العشرين، يعتبر إمارة لا علاقة لها بالوطن الفارسي، وربما لم تسمع الأجيال المعاصرة عن هذا البلد المحتل قبل شهر إبريل عام 2005م، والذي بدأت فيه (انتفاضة) شعب الأحواز العربي مطالبين بحق تقرير مصيره واستقلاله عن الأراضي الإيرانية، ومن اللافت للنظر -بالمناسبة- أن أغلب من قاموا بالانتفاضة ضد الفرس كانوا (عربا شيعة)، فسكان الأحواز في أغلبيتهم من الشيعة، ومع ذلك يكنون للفرس وللثقافة الفارسية كل البغض والكراهية، نظراً للعنصرية القومية الفارسية التي تمارسها السلطات عليهم، الأمر الذي يؤكد أن (التشيع) الذي يصبغ الدبلوماسية الإيرانية في الخارج ليس إلا (ذريعة) لتحقيق أطماع فارسية محضة، لا علاقة لها بالمذهب، وهذا ما يجب على إخواننا الشيعة الخليجيين التنبه إليه.

كما حاول الشاه محمد رضا بهلوي حاكم إيران قبل الثورة الخمينية أن يلحق البحرين بالأهواز كمحافظة جديدة من محافظات الإمبراطورية، تحت مسمى المحافظة (14) عام 1954، لولا التدخل العالمي من خلال الأمم المتحدة، التي أفشلت هذا التوسع، كما أن حاكماً آخر اسمه نادر شاه هجم على البحرين عام 1736م بغرض احتلالها، كما هجم ذات الرجل على عُمان عام 1737م، وتكرر الهجوم مرة أخرى عام 1738، ومرة ثالثة عام 1742، كل ذلك بهدف فرض السيادة الفارسية على الأراضي العمانية، مما يؤكد أن الأطماع الفارسية في منطقة الخليج ضاربة في أعماق التاريخ.

كما قام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1971م، بالهجوم على الجزر الإماراتية الثلاث، وضمها إلى الامبراطورية الفارسية، وعندما جاء الخميني رفض أي نوع من أنواع التفاهم حول هذا الضم، واعتبر حكم الملالي الجديد هذه القضية منتهية، ولا تقبل النقاش.

ومن الغباء أن يعتقد الإيرانيون أن توظيفهم القضية الفلسطينية، من خلال دعمها ومناصرة (حماس)، وخلط أوراق المقاومة الشيعية في لبنان بالأوراق الفلسطينية، سيمرر أجندة إيران التوسعية في المنطقة، وسيمنحها جواز مرور للدخول إلى عواطف العرب، وبالتالي توظيف هذه العواطف لدعم مشاريعها التوسعية التي تسعى إلى الهيمنة على قرار دول الجوار السياسي، فدون ذلك -كما يقول العرب- (خرط القتاد)، فالمسألة مسألة متعلقة بوجودنا، واستقلالنا، واستقلال قرارنا السياسي.

كما يخطئ الشيعة العرب عندما يقبلون أن توظفهم إيران لخدمة مشاريعها القومية، فهم بالنسبة لها مجرد (طعم) لاصطياد سمكة، فالقيمة للسمكة وليس للطعم في نهاية المطاف، ولو أنهم أداروا وجوههم (قليلاً) شطر شيعة الأحواز، وتعرفوا على معاناتهم، لأدركوا أن ما يجري هناك يؤكد أن القضية هي في التحليل الأخير (قومية) سياسية محضة، لا علاقة لها بالبعد الشيعي الذي يجب أن يدركه الشيعة العرب تماماً ألا يكونوا ورقة (ضغط) يلعب بها الأجنبي في مواجهة أوطانهم. إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد