Al Jazirah NewsPaper Tuesday  30/09/2008 G Issue 13151
الثلاثاء 01 شوال 1429   العدد  13151

يا عيد: بأية حال عدت؟
د. عبدالرحمن بن سعود الهواوي

 

قال أبو الطيب المتنبي:

عِيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِما مضى أم بأمرٍ فيكَ تجديدُ

أما الأحبةُ فالبيداءُ دُونهم

فَليْتَ دونك بيداً دونها بيدُ

لقد قال أبو الطيب المتنبي هذين سنة 350هـ قالها في يوم عيد، وقد سأل بهما عيده: بأية حال عاد بها إليه، هل عاد بحال بمثل ما مضى عليه في أعياده السابقة، أم بأمر فيه تجديد، فهو يعرف في يوم عيده هذا أن أحبته بعيدون عنه وبينه وبينهم فلاة فتمنى أن يكون البعد بينه وبين عيده هذا أضعاف البيد التي بينه وبين أحبته، لأن العيد يكون معه فرح وسرور وهو في حزن وإقامة جبرية وبعد بعيد عن أحبابه.

نقول: إننا نعتقد أن بعض العرب منذ أن قال المتنبي هذين البيتين كانوا يستحضرونها ويتمثلون بها في كل يوم عيد مر عليهم، وبعض منا مثلهم نتمثل بها في يوم عيدنا هذا ونحن في سنة 1429هـ.

قد يسأل سائل: لماذا بعض الأقوال أو بعض أبيات الشعر أو بعض الحكم تظل ما ثلة في أفكار بعض الناس في مناسبات معينة؟ نقول: عندما قال أبو الطيب هذين البيتين فإنه كان ينظر إلى حاله في حاضره الذي هو عليه، وفي حاله في ماضيه وفيما ستكون عليه في مستقبله، فماضيه مضى بكل ما فيه من أفراح وأتراح، وحاضره مؤلم موجع له رغم أنه في يوم عيد، أما مستقبله ففي حكم وعلم الغيب، فإذا أعملنا أفكارنا في هذين البيتين لوجدنا أنهما تنطبقان على أمة بحالها - أمة العرب - لأن ماضيها التليد كانت أيام أعياده، أيام فرح وسرور وعزة وشموخ وكبرياء، ثم تبدلت أيام أعيادها إلى أيام حزن وذل وقهر واستعباد حتى في يوم عيدها هذا فقد صارت أمة بلا أعياد تعيد على ماذا؟ أما مستقبلها ففي علم الغيب إلا إذا قيض الله لها من أبنائها من يعيد لها أيام أعيادها الماضية، وتنطبق حال المتنبي أيضاً على أحوال بعض الأفراد منا في يوم عيدنا هذا وخصوصاً كبار السن منا لأن أعيادهم في الماضي قبل عدة عقود كان لها طابع فيه حلاوة وفرح وغبطة، فيه لمسة حنان من الوالدين، ومحبة بين الجار وجاره، وزيارة الصديق لصديقه.. و... و... أما العيد في هذا اليوم فهو يثير عند بعض الناس، الهم والغم والحزن، فالمعايدة بالجوال، والجار لا يعرف جاره، الكل مشغول بمؤشر سوق الأسهم، وبخسارة أمريكا الاقصادية، والشباب شدوا الرحال في يوم العيد لمشاهدة المبدعين من المطربين والمطربات ورؤية الممثلين والممثلات على الطبيعة بعد أن أعجبوهم في الأغاني والمسلسلات الرمضانية.

الرياض : 11642 ص.ب 87416

dr.a.hawawi@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5834 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد