Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/10/2008 G Issue 13156
الأحد 06 شوال 1429   العدد  13156
لماذا لا تحمي هيئة الاتصالات خصوصياتنا؟
صالح بن محمد السبتي

هل أزعجتك الرسائل الواردة إلى تلفونك الجوال خلال عيد الفطر المبارك..؟ هل تجمّد جوالك هذا العيد لكثرة الرسائل الواردة إليه..؟ إذا لم يحدث لك ذلك فأنت من المحظوظين. وإذا كنت ممن استقبلوا سيلاً من الرسائل، فهل لاحظت أن كماً كبيراً منها جاء من مؤسسات تجارية أو ترويجية لم تعطها رقمك، ولم تتوقّع أن تستلم منها رسالة في يوم ما..؟ إذا كان هذا هو الحال فمن أعطاها رقمك..؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح على شركة الاتصالات التي تقدّم لك الخدمة.

تلك الرسائل مزعجة لكثير من الناس، فهم لم يطلبوها، وليس لهم خيار في استلامها، أو قراءتها، لأنهم لا يعلمون قبل ذلك أنها من البريد الإعلاني العام الذي لا يعنيهم شخصياً.. هي من الإعلانات التي تتوقع أن تراها في جريدة، أو لوحة إعلانية في الشارع، أو في محطة تلفزيونية، لا في رسالة موجهة إلى تلفونك الجوال الخاص.

كثير منا لا يضعون تلفونهم الجوال في الوضع الصامت، حتى ولو كانوا في اجتماع مهم، أو يستعدون لنومٍ هم في أشد الحاجة إليه، لأنهم يتوقعون أن تأتيهم مكالمات مهمة، عائلية أو متعلقة بأعمالهم... وحين تنطلق نغمة تلفوناتهم الجوالة، وتقاطعهم في اجتماع، أو تكدر نومهم، ثم يُفاجؤون بأن المتصل أو مرسل الرسالة مؤسسة تريد أن تسوِّق منتجاً، يأسفون على اليوم الذي حصلوا فيه على التلفون.

خصوصيات الناس يجب أن تُحترم.. وأرقام تلفوناتهم من خصوصياتهم. في بلاد العالم المتقدم يسألونك عندما تطلب رقم تلفون من شركة اتصالات عما إذا كنت توافق على أن يوضع رقمك في دليل التلفونات أم لا، احتراما لخصوصيتك، وتطبيقا للنظام الذي يحمي خصوصيات المشتركين. أما في شركات الاتصالات العاملة في بلادنا فلا أذكر أن طلب الحصول على تلفون ثابت أو جوال يحتوي على هذا السؤال.

رسائل ومكالمات التلفون الجوال التي لا تعنيك شخصيا تزعجك في أي حال، فما بالك بها وهي تأتيك وأنت نائم.. أو وأنت تصلي.. أو وأنت مريض.. أو في أي وضع آخر لا ترغب أن تستقبلها فيه، بعكس رسائل ومكالمات من لك بهم علاقة عملية أو شخصية، فأنت تستطيع أن تتوقعها وتسيطر عليها إلى حدٍ ما. وهي وإن أزعجتك، على أية حال، مكالمات ورسائل من أشخاص لك بهم علاقة.

الخلاصة هي أنه ليس من حق أحد أن يتصل بك دون رضاك، ودون إذنك. يجب أن تعرف شركات الاتصالات العاملة في بلادنا أن أرقام المشتركين خاصة بهم، يجب عليها المحافظة على سريتها، وألا تقدمها للغير دون إذنٍ كتابي من أصحابها. كما يجب أن نلاحظ أن إفشاء الأرقام الشخصية، ومنها أرقام التلفونات، له أضرار أخرى، قد تصل إلى تسهيل أعمال النصب والاحتيال.

ولكن كيف تحصل الشركات التجارية والترويجية على أرقام تلفونات المشتركين في بلادنا دون إذنهم؟ هل توزعها شركات الاتصالات؟ أم هل تبيعها لمن يدفع؟ وإذا لم يكن الحال كذلك فهل الأمور منفلتة في تلك الشركات أو بعضها بحيث يستطيع بعض موظفيها توزيع أو بيع تلك الأرقام دون موافقة أو معرفة الشركة؟ أم هل تحصل الشركات التسويقية على تلك الأرقام من بعض المؤسسات كالفنادق والبنوك وغيرها؟

حماية خصوصيات الناس من تطفل الآخرين، شركات وأفرادا، من الأمور التي تتسق مع مبادئ ديننا الحنيف، ومع القيم التي يتفق عليها العالم المتحضِّر. والمطلوب من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تتدخل لتضع حلاً لهذه المشكلة.

لا بد أن تضع الهيئة أنظمة صريحة تفرض على شركات الاتصالات وغيرها من شركات التسويق احترام خصوصيات المشتركين. كما يجب أن يشتمل النظام على عقوبات على الشركات التي تتهاون في تطبيق ذلك النظام، وأن يكون هناك آلية يستطيع المشترك من خلالها أن يعرف حقوقه، وأن يرفع شكواه إذا تم التعدي عليها، وأن يحصل على تعويض إذا ثبت تقصير أية شركة. ما لم تعرف شركات الاتصالات وغيرها أنها ستدفع ثمناً إذا لم تحترم خصوصيات الناس فإنها لن تستطيع أن تفهم حتى معنى تلك الخصوصية.



smassabti@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد