Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/10/2008 G Issue 13156
الأحد 06 شوال 1429   العدد  13156
المنشود
قلق وحيرة شبابنا إلى أين؟!!
رقية الهويريني

أعجب حين أرى حالة الضياع والحيرة والقلق تسكن شبابنا، برغم الثورة التقنية الهائلة التي تمكنهم من الاطلاع على مبتكرات الغرب وإبداع الشرق والاستمتاع بالأمن ورغد العيش التي حباهم الله بها.

ولست أرى سببا لذلك إلا أمرين قد يضيف عليها غيري أو ينقصها! أحدهما الدلال الذي تمارسه بعض الأسر على أبنائها وثانيهما الترف الذي يتلذذ به الجميع الفقير والغني ومتوسط الحال، والمثقفون والعامة، والشيوخ وصغار السن. ولا تجد لذلك قاعدة أو تحصل على معطيات واضحة لتبني عليها استنتاجاتك! إنما ترى الترف وقد ضرب أطنابه في الجميع! فلا تكاد ترى منزلا دون سائق بلا ضرورة ملحَّة والضرورات نسبية ولكن حين يسافر السائق أو تنتهي مدة إقامته يبدأ البحث عن بديل بأغلى الأسعار وهكذا.. ناهيك عن الخادمة التي تنهار أركان المنزل بعد سفرها، ويصبح خواء لا حياة فيه وتجد الاعتماد على المطاعم والمغاسل والمواد البلاستيكية، وترى الأسرة وقد وقعت في ورطة إن لم تحضر البديل أو تسافر أثناء إجازة الخادمة. وفي المقابل يشكو الشباب من الملل والطفش ويبررونها بالبطالة.

ولو استغلت الأسرة سفر السائق أو الخادمة لاسيما في الإجازات الطويلة التي تنعم بها بلادنا لحد الخمول، وقامت بتشغيل أبنائها الشباب وسد فراغ وجود العمالة لأدى ذلك إلى تخفيف التوتر والقلق الذي يصيبهم، ولأحال الفراغ والكسل الذي يشكون منه إلى نشاط وتفاعل مع الأسرة وتدريب على تحمل المسؤولية.

تقول إحدى صديقاتي: نحن ولله الحمد في رغد من العيش برغم وفاة زوجي حيث أعمل معلمة وعندي ابنتان يكبرهما مراهق عمره ثلاث عشرة سنة يعيش قلق الشباب وطفشهم رغم أن لديه جميع الأجهزة الإلكترونية، ولدينا سائق مع زوجته كانا يكفياننا جميع المشاوير والأعمال المنزلية، وحين سافرا لقضاء إجازتهما السنوية أسقط في يدي ووجدت نفسي أمام كم هائل من الأعمال المنزلية التي لا تنقضي، فلا يوجد إلا خادمات التأجير اليومي الهاربات من منازل كفلائهن ولا أود المساهمة في نجاح هذه الظاهرة السيئة لذا رفضت الاستعانة بهن، وتلفت حولي فرأيت بناتي يقلبن صفحات الملل والكسل والاتكالية فبدأت أحثهن على العمل بطريقة مشوقة، وأشعرتهن بأننا نعيش نوعاً فريداً من التحدي بأن يكون منزلنا نظيفاً ومرتباً دون خادمة. لذا اجتمعت الأسرة وتم تقسيم الأعمال.

وأثناء ذلك تخلصت مما يقارب 20% من أدوات كهربائية وأثاث وملابس وأوانٍ كانت تشغل حيزاً بالمنزل لم أكن بحاجتها، وأغلقت بعض الغرف.

ورفضت إيواء سائق غريب، حيث يوجد بقرب منزلنا بقالة كبيرة فيها جميع المتطلبات المعيشية، وحولها مستوصف أهلي متكامل، بجانبه صراف آلي وبقربه محلات بيع أجهزة الكمبيوتر وإصلاحها ومحل سباكة وكهرباء ومكتبة وقرطاسيات.

ومر الشهر الأول والثاني ونحن لم نحتج السائق فيها إلا أثناء الزيارات العائلية أو حين الذهاب إلى المجمعات التجارية، وهنا نستعين بسائق لديه سيارة جديدة وأنيقة لتوصيلنا مقابل مبلغ ضئيل. بعد مرور ثلاثة شهور.. تفاجأنا برجوع السائق والخادمة، فرافق عودتهما ترديد عبارات (طفش وضيقة صدر) ورأيت حالة من الملل والخواء تسكن عيون أبنائي!!

rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض 11342








لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد