Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/10/2008 G Issue 13156
الأحد 06 شوال 1429   العدد  13156
شيء من
تحضّر الهيئة وتخّلف العضو المستقيل
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

لفت نظري أثناء عيد الفطر لهذا العام خبران متناقضان؛ الأول يقول: (تخلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن (صرامتها)، ونزلت إلى مواقع التنزه لتوزع الحلويات والهدايا على الجمهور، بدلاً من استخدام مكبر الصوت في توجيه الأوامر والنواهي حسبما تعوده الناس من (جيمس الهيئة). هذا ما شهدته شواطئ مدينتي الخبر والدمام أيام العيد في بادرة اعتبرها مواطنون توجهاً جديداً في أداء هذا الجهاز الذي يعيش أخذاً ورداً بين المتعصبين ضده والمتحمسين لإجراءاته. وقال شهود عيان إنهم فوجئوا برجال الهيئة يترجلون من السيارة الرسمية، ويسيرون بين المتنزهين بلا (بشوت)، ويتجهون إلى الأطفال ويقدمون لهم هدايا رمزية وحلويات).

والخبر الثاني يقول: (قدم عضو المجلس البلدي بالرياض الشيخ عبدالله السويلم ظهر أمس استقالته لمكتب سمو أمين مدينة الرياض احتجاجاً على ما يزعم أنه اختلاط في ساحة الدوح بالعريجاء خلال احتفالات العيد. وذكر الشيخ في مسببات استقالته أن هناك اختلاطاً وعدم فصل ما بين الحضور من النساء والرجال في الساحة، مشيراً إلى أنه طالب على مدى عامين بتجاوز ما يحدث).

الخبر الأول يؤكد أن الهيئة بدأت بالفعل تستجيب للانتقادات المتزايدة لمنسوبيها وجنوحهم نحو التشدد، والتعامل مع المواطنين بوجوه صارمة مكفهرة، لا تعرف اللين، ولا يعرف قاموسها شيئاً اسمه (التسامح). إن توزع الحلوى والهدايا على الناس، بوجوه مبتسمة، فرحة، مستبشرة، معنى ذلك أنها بقدر ما تسعى إلى مكافحة الإخلال بالآداب فهي تسعى كذلك إلى التشجيع الفرح، والبسمة، والقرب من المجتمع بكافة أطيافه. ومثل هذه اللفتة الحضارية التي مارسها أعضاء الحسبة في (المنطقة الشرقية)، هي علامة صحة، ودليل تجاوب مع النقد؛ فالجسم الذي لا يتقبل الرأي الآخر، لا يمكن أن يكون قابلاً للعلاج والتقويم والإصلاح.

وأخشى ما أخشاه أن يخرج علينا أحد رموز (التشدد) ويشجب مثل هذه التصرفات، على اعتبار أن توزيع الحلوى أو الهدايا في الأعياد عادة (دخيلة) على عمل الحسبة، لم يعرفها (السلف) ليقوم بها (الخلف) كما هو منهج الفكر المتشدد في بلادنا. ولا تنسوا أنهم حرموا إهداء الزهور للمرضى من هذا المنطلق.

أما خبر استقالة عضو المجلس البلدي احتجاجاً على احتفالات عيد الفطر في الرياض، وما رافقها من (اختلاط) فهو علامة (تخلف)، ودليل على أن مبدأ التخصص وتوزيع المسؤوليات في الدولة ما زال (غامضا) لدى هذا العضو، ولو أن صاحبنا المستقيل، تخلى عن (أوهامه)، وجلس مع نفسه قليلاً، وقاس دعوته لمنع ما يُسمى بالاختلاط مع ما يمارسه المسلمون في أقدس بقاع الأرض في المسجد الحرام، في الطواف والسعي وكذلك في رمي الجمرات، لوجد أن (الاختلاط) الذي يرفضه صاحبنا (هنا) على اعتبار أنه (منكر) يجب إزالته، قد أباحه الله (هناك) في الحرم، وكذلك في المشاعر أثناء الحج؛ فإذا كان الاختلاط منكراً - كما يزعم فلماذا لم تعزل الشريعة بين الرجال والنساء في أقدس بقاع الأرض، فأماكن العبادة أولى بالعزل - لو كان العزل صحيحا - من الأماكن الأخرى.

الأمر الآخر أن المسؤولين يعملون في الدولة الحديثة على أساس مبدأ (التخصص وتوزيع المسؤوليات)؛ وعمل كهذا ليس مطلوبا منه بصفته عضواً في المجلس البلدي، وإنما هو من اختصاصات هيئة الأمر بالمعروف التي كانت (ممثلة) في الجهة المشرفة على تنظيم المهرجان إضافة إلى البلدية وقوى الأمن؛ ولا أدري هل هذه العضو كان من خلال استقالته (يحتج) على تقاعس الهيئة في أداء مهامها أم ينتقد البلدية؟

كما أن هذا التصرف يحمل الكثير من الدلالات التي تجعلنا نتحفظ على عملية (الانتخابات) إذ كانت إفرازاتها ستأتي بأعضاء كالعضو المستقيل، الذي (يزايد) حتى على (الهيئة) في إنكار المنكرات! إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد