Al Jazirah NewsPaper Thursday  09/10/2008 G Issue 13160
الخميس 10 شوال 1429   العدد  13160

لماذا نفتقد السعادة ونحن نمتلك مقوماتها؟
حميدة الضويحي الخالدي

 

تعرض القناة الأولى في التلفزيون السعودي في كل يوم جمعة ليلة السبت برنامج (الوسطية)، ويقدمه الدكتور سليمان العيدي. هذا البرنامج في كل ما يتناوله من مواضيع يعتبر نقلة نوعية في القناة الأولى.

عرضت آخر حلقة قبل شروق شمس رمضان بليلتين، فكانت حلقة استثنائية حقاً.. بضيوفها.. الدكتور عائض القرني والدكتور علي شرف. كان موضوع تلك الحلقة (موضوع السعادة)، فكل من المضيف والضيفين يمتلك رؤية استشرافية تحليلية أصلت محاور موضوع الحلقة من ناحية دينية روحية ونفسية اجتماعية.

دعونا نتساءل: لماذا نفتقد السعادة والطمأنينة ونحن نمتلك مقومات السعادة والنعم التي لا تُعدّ ولا تُحصى؟!!

هل لأننا نتعامل بعقلية تنافسية أقرب للانتقام من التسامح؟ هل بانعدام ثقافة المحبة وتعميم ثقافة العنف والحقد والكره وتجاوزنا العقلانية والمنطق في كثير من أمور حياتنا؟!!.

هل بضعف الصبر والوازع الديني، بضعف الصبر، بضعف الإيمان؟ هل لأننا نعاني من قصور في التفكير في مواجهة المشكلات وإعطائها صفة الاستمرارية والشمولية بحيث تسيطر على حياتنا وتكون السمة الشخصية لذواتنا؟ تلك هي المشكلات التي تفرز المشاعر السيئة والأفكار السلبية المدمرة للسعادة.. هل لأن حياتنا مليئة بالمتناقضات واستبدال المفردات وارتباك المصطلحات، فأصبحت الرحمة قسوة، والألق قلقاً! جميل أن نمازج بين هذه المفردات لأنها مبعث إيجابي.. لا بد من فجر ألق بعد القلق والأمل بعد الألم..

من منا لم يعش تحت وطأة الشعور بالظلم والحرمان ولوعة الفقد.. لكل إنسان هموم تملأ جوانحه.

قد تظلم الدنيا علينا باتساع الأفق.. وتتوارى السعادة خلف أستار الأحزان وتختفي ترانيم الفرح..

أمام هذا الفيض من الحزن افتقدنا السعادة والطمأنينة.. تلك الحلقة أيقظت في وعينا مفهوم السعادة.. القرآن يشمل أبعاد الحاجات الإنسانية، منها السكينة والرضا النفسي وعمق الإيمان.. فوازنَ بين الروح والجسد.

{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}في ظل هذه الآية الكريمة يتضح آليات وتقنية الإسلام، فنعيش التسامح ونقابل الله بقلب مطمئن سليم.. {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. التفكير في الماضي والإفراط بالحزن دليل نقص العقول. اضرب صفحاً على ما مضى ولا تحزن على ما فاتك.

حُسن الظن بالله يرقرق علينا بالسعادة.. وبالشكر تدوم النعم.. فهل أسدينا الشكر للمستحق.. لله سبحانه وتعالى {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}

ومتى نتكيف مع الحياة بكل أشكالها، نتكيف مع المصائب، نستصحب الصبر والأجر.. الإيمان بالقضاء والقدر، ونتعامل بأريحية.

الذِّكر.. {أَلاَ بِذِكْرِ اللّه تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} تحيا القلوب.. نحن في كنف الله.. في حفظ الله.. الذِّكر هو النبراس والنور الذي يسلك لنا كل الطرقات.

ألق لحظاتنا.. لحظة العبادة.. الصلاة، الذِّكر، الاستغفار، القرآن.. بها تعود أسراب الأرواح المنهكة إلى أوكارها.. فتبدأ لهفة المشتاق.. العلاقة الروحانية النورانية الطاهرة مع الواحد الباري.. حينها تطمئن النفس وتسعد مع خالقها..!!

لعلنا نتمثل بهذه الأخلاق التي تفرضها علينا هذه الأيام والأيام المقبلة أعياداً بإذن الله.

ومضة:

تعفو وتصفح عند كل إساءة

فالصفح والغفران طبع كرام

فالمؤمنون لهم سمات بالتقى

تبدو كومض النور في الإظلام


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد