Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/10/2008 G Issue 13167
الخميس 17 شوال 1429   العدد  13167
إضاءات نفسية
د. محمد بن عبد العزيز اليوسف

زاوية تهتم بكل ما يتعلق بالطب النفسي والتنمية البشرية وتطوير الذات.. نستقبل كل أسئلتكم واقتراحاتكم.

دواء البروزاك وضغوط الحياة

* الدكتور محمد بن عبدالعزيز اليوسف وفقك الله إلى كل خير وجزاك الله خير الجزاء منذ سنتين تقريباً ذهبت إلى عيادة الطب النفسي في أحد المستشفيات الخاصة بالمنطقة الشرقية وكنت أعاني من بعض الضغوط في عملي وفي حياتي الأسرية، والحمدلله طمأنني الطبيب بأني أعاني من بعض القلق والتحسس العاطفي ووصف لي علاج بروزاك 20 مجم وقمت باستعماله لمدة سنة كاملة حسب إرشادات الطبيب والحمدلله استقرت حالتي ورجعت الأمور بفضل الله أفضل من أول. وبعد السنة تركت العلاج وبعدها بثلاثة أشهر رجعت حالتي كما كانت بالسابق وأكثر ضيقة في الصدر وعدم تحمل الأصوات العالية، العصبية الزائدة، عدم النوم والقلق والتفكير في المستقبل. رجعت إلى الطبيب مرة أخرى وشرحت له الأمر فقال لي استمر على نفس العلاج إلى ما لا نهاية. أرجو من الله ثم منك إفادتي هل الدواء له آثار جانبية على صحتي وهل سوف أتناول هذا الدواء إلى الأبد. أرجو الرد وجزاك الله ألف خير.

* أخي الكريم مثلما يبدو من رسالتك أن ما تعاني منه هو ما يسمى باضطراب التكيف مع ضغوط الحياة الذي يظهر بشكل أعراض ذكرت منها أنت صعوبات النوم والعصبية المفرطة والقلق الشديد والتفكير بالمستقبل بطريقة سلبية. والبروزاك هو أحد أشهر الأدوية المستخدمة والمجربة لسنوات طويلة لتخفيف أعراض القلق والتوتر الشديد، ورغم أنه دواء آمن بشكل عام وليس له أعراض جانبية خطيرة حتى على المدى الطويل بحسب معظم الدراسات الطبية المقننة وكذلك التجربة العملية مع ملايين الأشخاص على مستوى العالم الا أنه وفي مثل حالتك أنت تحديدا لا أرى ما يدعو حقيقة لاستخدام الدواء بشكل متواصل بل انني أعتقد أن أحد أهم الأسباب التي أدت إلى عودة إصابتك بنفس الأعراض بعد حوالي ثلاثة أشهر من إيقاف الدواء هو الاكتفاء في المرة الأولى كما يبدو بالتدخل الدوائي فقط أي أنك اعتمدت في برنامجك العلاجي فقط على دواء البروزاك وهذا غير كاف فأنت بحاجة بالإضافة إلى ذلك إلى جلسات العلاج النفسي المعرفي تحديدا، أي إلى تغيير بعض المفاهيم الخاصة بك والتي تجعلك عرضة أكثر من غيرك للوقوع فريسة لضغوط الحياة الأسرية والعملية، منها كما ذكرت شخصيتك الحساسة. وعليه فبدون وضع برنامج مساند لدعمك نفسيا والتدريب على فنيات إدارة الضغوط اليومية التي هي جزء لا يتجزأ من حياتنا جميعا والتي أصبحت أكثر تسارعا مما يجعل عملية التخطيط وإدارة ردود فعلنا تجاه أحداثها المتتابعة بشكل سليم أكثر أهمية بكثير من ذي قبل. في هذا الاطار أنصحك بقراءة بعض كتب الدعم الذاتي ومنها كتاب: Do not sweat the small stuff and it is all small stuff أي (لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر) للدكتور ريتشارد كارلسون، وهو متوفر مترجما في المكتبات الكبرى في السعودية، ويعتبر أحد أهم الكتب التي تناولت موضوع إدارة ضغوط الحياة بطريقة سلسة وسهلة وبعيدة عن التعقيد.

عموما أخي العزيز بالسعي وراء تغيير مفاهيمك والتعامل مع الحساسية الزائدة وإعطاء الأحداث أكبر من حجمها سيكون باستطاعتك باذن الله الاستغناء عن حبوب البروزاك وتنمية شخصية قادرة على التعامل مع ضغوط الحياة أيا كان حجمها. وفقك الله

صعوبات الطفولة

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سعادة الدكتور محمد اليوسف تحية طيبة وبعد

أريد أن أستشيرك بأمر ابن أختي حيث يبلغ من العمر 9 سنوات لديه مشكلة في نطق الراء حيث ينطقها لام فمثلا كلمة رجل ينطقها لجل. كانت لديه هذه المشكلة منذ أن بدأ يتعلم النطق واستمرت معه إلى الآن فوالداه قلقان أن تستمر معه طول العمر بالرغم من أنه ينطقها بالانجليزية بشكل صحيح وعندما نطلب منه أن يصحح نطقها ينطقها بشكل صحيح ولكن عندما يسترسل في الحديث ينطقها لاما فما هو علاج هذه المشكلة؟ وكيف نتصرف علما أنه ومنذ أسبوعين بدأ والداه بتصحيح نطقه حيث يتظاهران بعدم سماعه عند قلبه حرف الراء إلى لام فيتدارك الأمر ويصححه من تلقاء نفسه هل تصرفهم صحيح ولا يؤثر على نفسية الولد أم لا؟ وهذا الولد أيضا لديه مشكلة فعندما يتحمس أثناء اللعب يعض ملابسه من جهة اللياقة أو الكم لدرجة أنها تتبلل باللعاب وقد يخرقها وهذه العادة مستمرة معه منذ زمن طويل فما هو الحل. شاكرة ومقدرة تجاوبك معنا.

* وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أختي الكريمة يبدو لي من رسالتك أن المشكلة بإذن الله تعالى في طريقها للحل فلو كانت صعوبة النطق لدى هذا الطفل متعلقة بوضعية الفكين أو الأسنان كما يحدث أحيانا لما استطاع نطق حرف الراء بوضوح سواء استرسل أو لم يسترسل في الكلام ولكن الواضح أنه يخطىء أحياناً في النطق لكنه خصوصاً في الآونة الأخيرة يصحح خطأه بنفسه وهذا هو المطلوب، وأرى أن تصرف الوالدين بعدم التركيز على بعض الأخطاء العابرة في ظل تصحيحه هو نفسه بنفسه هو قرار حكيم فالتركيز أحيانا على السلبيات أو المشاكل الصغيرة خصوصاً لدى الأطفال في مثل هذا العمر يجعل الطفل متوقفا ذهنيا داخل إطار المشكلة بشكل مستمر بدل أن يتلمس ما لديه من إمكانات وإيجابيات أخرى يجب أن يستشعرها ويسعى لتطويرها. وسأتحدث هنا بشكل أكثر شمولية فالأطفال مثلا الذين يعانون من مرض السكر في سن مبكرة (سكر الطفولة) أو بعض الأمراض المزمنة منذ طفولتهم كالربو أو بعض العيوب الخلقية يقع آباؤهم في خطأ شائع ينبع كثيرا من عاطفتهم وحرصهم الشديد على طفلهم فيصبح التعريف الدائم لهذا الطفل هو فقط من خلال مرضه. على سبيل المثال (هذا الطفل فلان المصاب بالسكر) (انتبهوا للطفل فلان مسكين لديه سكر) بل حتى الضيوف قد يعرفونه فقط بمرضه (هذا فلان المصاب بالسكر!!) ثم أصدقاه من الأطفال كذلك... وهكذا. فينشأ الطفل ويكبر والتصنيف البارز له هو من خلال مرضه مما يحدث أحيانا ردة فعل دفاعية عنيفة يستغربها الأهل لديه برفضه الالتزام بحقن السكر نتيجة كراهيته لهذا المرض الذي بسببه تم اختصار وتقليص انسانيته وامكاناته كلها بكلمتين لا تفارقه (مريض السكر) وهو لا يعلم أن المشكلة حقيقة في الأهل الذين لم يتعاملوا مع مرضه بطريقة موضوعية واقعية ليضعوه في اطاره الطبيعي من خلال التعامل معه كأي طفل آخر وتشجيعه وتعزيز مواهبه والاهتمام بها مع عدم إهمال برنامجه العلاجي ولكن دون مبالغة. عموما أختي العزيزة لا يوجد ما يقلق بخصوص ابن أختك حيث اعتقد أنه قادر مع الوقت ومرور العمر على تجاوز السلبيات التي ذكرتيها بما في ذلك الانفعال الزائد أثناء اللعب حيث سيتعلم شيئاً فشيئاً ضبط انفعالاته وحماسه أكثر ويصبح أكثر نضجا عندما يكبر. أسأل الله له ولك التوفيق.

اضاءة

لا تكن حكما على الآخرين وناقدا لتصرفاتهم بل كن نورا يهتدى به وقدوة لغيرك.

دكتوراه في الطب النفسي
كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي - الرياض


e-mail : mohd829@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد