Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/10/2008 G Issue 13174
الخميس 24 شوال 1429   العدد  13174

اعترافات امرأة مهزومة
د. محمود الحليبي

 

أنا ما نسيتك يا أعز صحابي

العين لا تحلو بلا أهداب!

منذ ابتعدت أحس أني هاهنا

شيء بلا معنى.. بلا أحباب!

أنا منذ غبت، وفي فؤادي وحشة

وعلى مخيلتي ظلال غياب

أنا ما هنئت بهجعة أو لذ لي

من بعد هجرك مأكلي وشرابي

حتى كأني طفلة محمومة

فقدت بفقدك أثمن الألعاب!

يصحو بذكراك الجميلة خاطري

ورؤاك إذ أغفو على أهدابي

أنا ما نسيتك يا سراج معابري

أنا ما نسيتك يا طريق صوابي

عيناي لم تزلا إلى عينيك في

سفر، وكفك لم تزل تسعى بي

في كل زاوية أراك تصيح بي

أنا ها هنا.. أنا ما تركت هضابي

تسري ملامحك العذاب بداخلي

وتدب في بدني، وفوق إهابي!

يا من رحلت وما رحلت ولم تزل

تحنو، ملكت عواطفي ولبابي

يا سيدي! مازال طيفك صاحبي

في سرحتي.. في قهوتي وكتابي

إني أراك على وجوه جرائدي

وأرى يديك على عرى أكوابي

وأكاد أسمع همسنا وحوارنا

في لون فستاني، وفي أطيابي

وحذاؤك البني كل صبيحة

مازلت أمسحه على الأعتاب

وأدس ثوبك بين أثوابي أنا

علّي أخفف من جوى أثوابي!

أواه.. لو تدري -حبيبي- كم غدت

تدمي شغافي دقةُ الأبواب؟

في كل دقة زائر أرجوك.. (آ)

من عيشة المترقب المرتاب!

هم يطرقون، وما دروا يا ويلتي!

الطرق في قلبي، وليس ببابي!

وعواذلٍ يشكين قلة زينتي!

وشحوب بدري، وانطفاء شهابي!

يحرقن بالنجوى بقايا سلوتي

ويزدن بالشكوى شجون مصابي

فلمن أكحل مقلتي لمن؟، لمن

أجري جداول شعريَ المنساب؟

ولمن سأشعل وجنتيّ، وأرتدي

أغلى وأحلى حليتي وثيابي

ولمن أقيد بالأساور معصمي؟!

ولمن سأنقش في يدي خضابي؟!

ولمن سأمشي مشيتي؟، وأزفها

في بسمة من بارق خلاب؟

أهواك يا عمري، وكلي شاهد

أني ارتضيتك جنتي وعذابي!!

إني أحبك؛ كم أحبك أنت؟! ما

أحدٌ سواك أثار لي إعجابي

مسكونة بتحركاتك إنها

تثري المكان بجيئة وذهاب

وشغوفة بحديثك العذب الذي

بصداه أحدو في الحياة ركابي

كم كنت حلواً في معاملتي وفي

حبي وتدليلي وفي إغضابي!

كم كنت أسمع في عيونك (غنوة)

أنسى بحلو كلامها أتعابي

وأراك -حين أراك- عش سعادتي

وعلى بساطك طرت نحو رغابي

ما كنت أعبأ بالصعاب تحيط بي

بك قد هزئت بعثرتي وصعابي!

زوجي الحبيب! شتاء بعدك قارس

ولديك وحدك سيدي جلبابي!

اشتقت صيفك!.. دفء شمسك؛ كم لها

في خاطري من شاطئ جذاب

أذب الجليد؛ لكي تعود طيورنا

أتهاجرُ الأطيار دون إياب!

لا.. لا تدعني في الظلام وحيدة

في ظل هم، أوجناح غراب!

أنا لست أنكر كم حلمت علي إذ

جاريت في سفه هوى أترابي

فمننت بين تحنن وتودد

وأسأت بين جهالة وتصابي

فاغفر بعفوك صبوتي وجهالتي

وامسح بعطفك عشوتي وضبابي

واذكر وراءك صبية خلفتهم

وتركتهم لمتاهة وسراب!

أخطأتُ..! أعلنها، فهبني فرصة

أخرى لأعلن أوبتي ومتابي

أو كنت عفت -اليوم- أوّل شيبتي

فلقد أكلتَ -الأمس- كل شبابي!!

روحي بحسك قبل بيتي عامرٌ

حاشاك أن تسعى لجلب خرابي!

وأعيذُ عزك أن يهون بعزتي

و(حلا) وفائك أن يُشاب بصابي!

عُد لي بنصرك؛ إنني مهزومة!

الهجر قص مخالبي، وحِرابي!!

عد لي -بربك- زورقاً، أو طائراً

إني منحتك أبحري وسحابي

أنا ما كتبت إليك أعتب سيدي

بمحبتي.. بالشوق مات عتابي!!

لكن كتابي قد حفرت حروفهُ

بأضالعي.. بدمي على أعصابي!!

فإذا أتاك فكن سُطُور جوابهِ

إني رأيت لقاك حُلم جوابي!!


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد