Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/10/2008 G Issue 13174
الخميس 24 شوال 1429   العدد  13174
نجلاء السليم للصفحة التشكيلية:
ما خلّفه والدي من أسلوب فني ينتظر الاهتمام

حوار - محمد المنيف:

نجلاء السليم اسم حينما يذكر يستذكر ويذكر برائد الفن التشكيلي السعودي. نجلاء هي الابنة الكبرى للفنان الراحل محمد السليم، الاسم الذي لا يمكن أن يتجاهله الفن التشكيلي العربي عامة والخليجي والسعودي بصفة خاصة؛ ولهذا أصبح رمزاً يعتز به الوطن وتعتز به ابنته؛ لهذا وجدنا أنفسنا ونحن ننوي إجراء هذا اللقاء مع الفنانة التشكيلية نجلاء السليم محاطين باسم والدها، كما ترى هي أيضاً أنها جزء منه وأن ما تقوم به من إبداع لا يخرج من دائرة ما تلقته منه - يرحمه الله - من توجيهات وإرشادات. أجزم بأن اللقاء مع الفنانة نجلاء سيكون له طعم ونكهة خاصة ورغبة من القراء لمعرفة ماذا تعلمت وماذا أبقت هذه الفنانة من والدها، وما هو تأثير اسمه عليها، وهل ساهم في شهرتها، وكيف ترى تأثرها به، وكيف لها الخروج من دائرة العلاقة الفنية لتشكل خطاً خاصاً بها، وعن عدم حضورها التشكيلي وقت وجود والدها (يرحمه الله) للاستفادة من أهميته الفنية، مع أن لها تجربة لا بأس بها في المساهمة على الساحة، إلا أنها مطالبة بالكثير؛ فقد شاركت الفنانة نجلاء السليم في مسابقة الربيع التي كانت تقيمها مؤسسة دار الفنون السعودية، وهي أول مشاركاتها عام 83م، وحصلت على شهادة تقدير, وبعدها انتقلت إلى جدة بعد زواجها، وكانت ما زالت في ثاني سنة بالجامعة كلية العلوم قسم كيمياء, عندها انشغلت بأمور كثيرة أخذتها عن الرسم، بعدها بخمس سنوات (وبعد حصولها على بكالوريوس علوم قسم كيمياء عام 90م سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة (فنون جميلة) من جامعة EMU ولاية ميتشيجن لمدة ثلاث سنوات، وحصلت منها على درجة البكالوريوس في مجال الفنون، وكانت نشاطاتها الفنية على مستوى الجامعة التي كانت تدرس فيها، وبعد عودتها إلى جدة عام 96م إلى عام 97م شاركت في معرض الواعدات (1) والواعدات(2) على التوالي الذي كان يقام في أتيليه جدة، إلا أن وفاة والدها الفنان محمد السليم جعلتها تتوقف فترة لظروف نفسية مؤلمة، وبعد إلحاح شاركت في المعرض الذي أقيم تكريماً لوالدها بعد وفاته..

التأثر والتأثير

- سألنا الفنانة نجلاء محمد السليم عن تأثير اسم الوالد فنياً على وجودها في الساحة، فأجابت قائلة:

محمد السليم بالنسبة إليّ رمز من الرموز الفنية الوطنية التي أوصلت الفن السعودي إلى العالمية، حيث إنه أفنى حياته في خدمة الفن التشكيلي والرقي به إلى أعلى المستويات الفنية. السليم بإصراره وعزيمته استطاع أن يصل إلى تحقيق طموحه وأهدافه بصنع مدرسة فنية صحراوية تميز هوية الفنان السعودي عن غيره، وهي الآفاقية التي تعبر عن بيئته الداخلية.

* وعن تعليقها على من يرى أن نجاحها يعتمد على كونها ابنة رائد التشكيل السعودي..

قالت: لم أجد من الساحة الفنية أي معاملة خاصة، ولن أسمح بذلك؛ لأنني أرفض هذا الأسلوب، كما أنه لدي قناعة تامة بأن الأعمال الفنية هي الحكم وهي التي تحدد من أنت.. كفنان وليس اسمك أو لقبك. لقد وهبني الله الموهبة وحباني بمن يصقلها ويهذبها ووفر الله لي مجال الدراسة والبحث والعمل في هذا المجال، فأنا أرسم في مرسمي الخاص بي وأشارك في المعارض والمسابقات التي أتمكن من المشاركة بها حسب الشروط المحددة. يجري علي ما يجري على أي فنانة، ولي مثل ما لهن إن لم يكن أقل، كل وما تستحق على حسب المستوى الفني لها وليس من هي.

* وحول ما نراه في أعمالها من تأثر كبير بوالدها، وهل تعاني من هذا التأثر، وهل لديها النية للخروج من هذه العباءة..

أجابت الفنانة نجلاء بقولها: نعم في أعمالي تأثر كبير بالوالد، وأعتقد أن هذا شيء طبيعي جداً؛ فهو والدي ومعلمي الأول، وأنا الابنة الكبرى له، كنت صديقته وكثيراً ما كنا نتشارك في رسم لوحة من أول مزج الألوان حتى الرتوش الأخيرة لها، كنا نتناقش كثيراً حول ما يدور في الساحة الفنية والمعاناة التي يعيشها الفنانون والفنانات والبيئة والمؤثرات الأخرى التي تؤثر على ذلك.. كل هذا يسري فيّ مجرى الدم في عروقي، بل أخذت كثيراً من خصاله وأساليبه المختلفة في معالجة الكثير من الأمور اليومية ومنها أسلوبه في الرسم وخصوصاً المدرسة الآفاقية التي حضرت مولدها ونشأتها حتى نضجت وتتلمذت على يد والدي في هذه المدرسة حتى استوعبتها واستهويتها، وهذا نراه كثيراً على صفحات التاريخ أن التلميذ يتأثر بمعلمه فكيف بي وهو والدي الذي أتعايش معه في نفس المنزل ونقضي الأوقات الإبداعية في نفس المرسم، وهو دائماً حاضر بجواري أو بوسائل الاتصال الأخرى ليعلمني ويرشدني وفي أي وقت.

كوني مازلت تحت عباءة الوالد شعور جميل ولا يضايقني على الإطلاق لأنه يشعرني بالانتماء له وأنني أعلم أنها فتر ة مرحلية ولا بد أن تتغير لكي تتخذ شكلاً مطوراً وإن كان لها طابع آفاقي.

* وعما حققته من حضور إلا أنها لم تكن بحجم ما توقعناه من نشاط متواصل كما هو والدها..

قالت: ظروفي تختلف عن ظروف والدي آن ذاك، أنا لا أهتم بالشهرة، فأنا فنانة أحب فني وأستمتع به في حدود قدراتي التي وهبني الله بها وأنعم الله عليّ بمن يصقلها ويوجهها إلى الطريق السليم، وعليّ أن أستمر بالبحث والاطلاع والتطور في حدود قدراتي، نعم لوالدي نشاط كبير أكبر من أن أفكر أن أوازيه, ما قام به والدي من النادر أن نراه يتكرر، إنه صنع شيء من لا شيء، كانت لديه موهبة ولكنه لم يجد المكان أو المجال أو الساحة أو الشريحة البشرية التي توافقه، فصنع هو كل ذلك، علم الفن.. صنع فنانين.. طور نفسه ليطور غيره, جمع الفنانين وكوّن ساحة فنية، كان يساعد ويشجع كل فنان أن يمارس فنه وينتج فناً, وبث بينهم حب العمل المشترك وحب الفن والإنتاج وتغلب على كل المصاعب والعقبات التي كانت تواجهه وأنشأ مؤسسة دار الفنون السعودية الوحيدة من نوعها ذلك الوقت لتوفر للفنانين والفنانات كل المواد والخامات الضرورية واللازمة لهم ولو لاحظت أنها دار للفنون السعودية وليست للسليم، من هنا نفهم أن همّ السليم هو الفن السعودي أن يأخذ مأخذ باقي الأوطان في هذا المجال, كما أنه أنشأ الصالة العالمية ليتمكن الفنانون والفنانات من عرض أعمالهم حينها، حيث كانت قلة تلك الصالات الخاصة بالعروض الفنية التشكيلية, عمل جاهداً حتى يصل إلى هوية للفن السعودي ولله الحمد وفقه الله سبحانه وتعالى إلى مدرسته الآفاقية. هذه شخصية لن تتكرر. رحم الله محمد السليم وأسكنه فسيح جناته.

هكذا كانت علاقة والدي بإبداعي

* وفي سؤال عن دور والدها في تنمية موهبتها قالت نجلاء السليم:

نعم مارست الفن منذ أن كنت صغيرة من المراحل الابتدائية، وبدأت في استخدام الألوان الزيتية في المرحلة المتوسطة والثانوية.. كان والدي يسألني دائماً ماذا رسمت اليوم؟

وكنت أعرض عليه ما رسمت.. وكان يلفت نظري للنقاط الإيجابية في اللوحة ليؤكد عليها.. أما السلبيات فينبهني عليها بطريقة غير مباشرة. لم يشكل أي رقابة علىّ بل ترك لي الحرية المطلقة في رسم ما أريد وكيفما أريد، ولكن بلغة فنية سليمة.

كنت أفاجئ والدي بلوحة كل فترة، وكنت أفاجئه بأن أضع اللوحة على حائط مميز بموقعه لأنه كان حائطاً في واجهة مدخل البيت، المدخل الذي كان يدخل منه والدي بعد عودته من العمل, وكنت أنتظره حين عودته حتى أقرأ ملامح والدي الأولى عندما يشاهد لوحتي، إذا ابتسم ابتسامته الخفيفة أعرف أن اللوحة حازت على رضاه، وقتها أكون في قمة السعادة, والعكس إذا احتفظ بنفس الملامح الذي جاء بها من العمل التي في الغالب تكون ملامح متعبة ومرهقة ومهمومة فهذه إشارة مريرة بالنسبة إليّ. كانت هذه طريقته معي، بالإضافة إلى النقاشات الطويلة التي نتشاطرها حول كل ما يتعلق بالفن والفنانين.

* عن جديدها ولماذا لا نراه في معرض شخصي تقول الفنانة نجلاء:

جديدي الآن هو الرسم الإلكتروني، طريقة جديدة تواكب العصر، وهو ليس بالمجال البسيط، مجال شيق جداً، ومن مميزاته أنك ترسم في أي مكان، المرسم ليس متطلباً بل يمكنك الرسم في غرفة الجلوس وسط أفراد عائلتك، وبأحجام كبيرة إن أردت دون القلق من رائحة التنر والألوان. وهذا لا يعني أن ليس له سلبيات.

سوف أشارك مجموعة ألوان لهذا العام بلوحات إلكترونية أتمنى من الله أن تعجب وتروق الزائرين.

أما بالنسبة للمعرض الشخصي فأعترف أنني مقصرة في حقي بذلك, وسوف أستعد له وأنفذه قريباً إن شاء لله.

* أما عن رأيها فيما أصبحت عليه الساحة من زخم في إعداد الفنانين من الجنسين عكس ما كانت عليه الساحة وقت انطلاقتها وتأسيسها من قبل قلة من الرواد..

تقول الفنانة نجلاء: فعلاً لم تكن الساحة كذلك، أصبحت مليئة بالأسماء من الجنسين، وهذا شيء جميل، وما كان يتمناه والدي ويسعى إليه، يسعى إلى أن تكون لدينا ساحة فنية ثرية بعدد كبير من الفنانين والفنانات وبمختلف الأساليب والثقافات والفنون المتعددة، ولكن أشعر بأن الأنشطة على كثرة هؤلاء الفنانين والفنانات قليلة نسبة إلى ما كان يحدث في السابق, واللقاءات الفنية قليلة أيضاً.. هذا ما أعتقده رغم أن هناك محاولات، ولكن..

* وعن علاقتها بالوسط التشكيلي (النسائي)، وماذا عن تجربة المعارض الجماعية التي شاركت فيها..

علاقتي بالوسط الفني محدودة, أتمنى أن تكون هناك علاقات فنية بين الفنانات بعيدة عن الرسمية، هدفها تبادل الخبرات من خلال ورشات عمل لقاءات عملية دورية منتظمة حتى لا تنقطع الفائدة منها.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد