Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/10/2008 G Issue 13174
الخميس 24 شوال 1429   العدد  13174
أضواء
بعد 5 سنوات فهم العراقيون حقيقة السياسيين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

لا ينكر أحد أن العراقيين الذين دفعوا ثمناً باهظاً لتغير النظام السياسي الذي كان يحكمهم قد حصلوا على مكاسب يعدها المعاصرون من حقوق الإنسان التي يجب أن يحرص على التمتع بها كحرية التعبير وممارسة الديمقراطية بما فيها تأدية الانتخابات والانتماء للأحزاب وجماعات المجتمع المدني، وقد حصل العراقيون على كل هذه المكتسبات بغض النظر عن حسن أدائهم لها، أو توظيفها لخدمة بلادهم ووطنهم ومواطنيهم.

وهنا تظهر أهمية ثقافة الشعوب وحسن تصرفها وتوظيف ما تحصل عليه لخدمة أبنائها، ونحن كثيراً ما نسمع عن الديمقراطية وأهمية تمتع الشعوب بها، دون الحديث عن مدى فهم هذه الشعوب لهذه الديمقراطية وكيف تستفيد وتتعامل بها.

بعض المفكرين يطلبون إشاعة ثقافة الديمقراطية، وأهمية إعداد الشعوب لفهم واجباتهم وحقوقهم، حتى لا تكون الديمقراطية وبالاً عليهم بأن يدفعوا ثمناً باهظاً حتى يجنوا ثمن التمتع بمزايا الديمقراطية ولا يحتاجوا إلى وقت طويل لفهم أدوات الديمقراطية وكيفية تطبيق أسسها حتى لا تستغل من قبل محترفي السياسة من الذين يعرضون برامج سياسية لا تنفذ. ولقد ظهر للعراقيين وبعد خمسة سنوات من خوض غمار (الديمقراطية) أن ليس كل ما عرض عليهم صادق، فقد كشفت دراسة ميدانية عن تزعزع ثقة الناخبين بمسؤولي الحكومة المركزية أو الحكومات المحلية في العراق؛ جراء عجزهم عن حل المشاكل اليومية للمواطنين، وأكدت أن هناك تراجعاً للأحزاب الدينية أمام الأحزاب العلمانية والوطنية.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في مدينة كربلاء في يوم السبت الموافق 18-10-2008م في قاعة فندق الفنار، وبحضور عدد كبير من الشخصيات الدينية والأكاديمية، حيث استعرضت الدراسة الميدانية التي أجراها المركز في سبع محافظات عراقية في المنطقة الوسطى والجنوبية.

وأكد مدير المركز الدكتور أحمد باهض تقي في حديثه عن الأرقام التي كشفها الاستبيان، أن هناك عدم ثقة من قبل الناخبين تجاه السياسيين في الحكومة المركزية، والحكومات المحلية مشيراً إلى أن نتائج الاستطلاع تظهر تحولاً في رأي الناخب العراقي من تأييد الأحزاب الدينية لصالح الأحزاب العلمانية، كما أظهرت خيبة أمل بأداء مجالس الانتخابات المحلية الحالية بشكل عام فضلاً عن بروز العامل الشخصي كمعيار معهم لاختيار عضو مجلس المحافظة في الانتخابات القادمة.

وأظهرت الدراسة الميدانية تزايد الوعي الانتخابي لدى الناخب العراقي من خلال تأييده لإجراء الانتخابات (وبنسب عالية) باعتبارها الوسيلة الوحيدة لإجراء عملية التغيير الإيجابي.

كما كشفت الدراسة عن وجود حالة من الإحباط الشديدة لدى الناخب العراقي من أداء مجالس المحافظات الحالية وكما أثبتته الرغبة في عملية التغيير من خلال تأييد إجراء الانتخابات أو من خلال النسبة العالية من العينة التي أكدت فشل مجالس المحافظات الحالية في تأدية واجباتها وتحقيق عملية التنمية والتطوير بالشكل المطلوب.

كما بينت الدراسة عدم وجود نسبة مطلقة وكبيرة في التفوق لصالح حزب أو حركة على حساب الأحزاب أو الحركات الأخرى، سواء كانت منها علمانية أو دينية مما يعني أن هناك حاجة قوية لعمل ائتلافات جديدة لغرض تحقيق الأغلبية المطلوبة في اتخاذ القرارات.

وعزا مركز التنمية والدراسات الاستراتيجية، دوافع مشاركة الناخبين بكثرة في الانتخابات العراقية الماضية، بعكس العزوف الحاصل الآن، إلى أن الاصطفاف الطائفي والقومي والمناطقي كان قوياً خلال السنوات الماضية؛ ما دفع بالناخبين إلى المشاركة في الانتخابات دون التركيز على البرنامج السياسي للكيانات المرشحة.

هذا وقد شمل الاستطلاع سبع محافظات هي (بغداد والديوانية وواسط وكربلاء والنجف وبابل وذي قار)، وتراوحت العينات بين 18 و50 سنة من كلا الجنسين، وبمستويات ثقافية وعلمية مختلفة امتدت من المستوى الأدنى للشهادات إلى أصحاب الشهادة العليا (ماجستير ودكتوراه). وبلغ عدد أفراد العينة الذين اشتركوا في الدراسة (700) فرد تم توزيعهم بواقع 100 فرد لكل محافظة من المحافظات التي شملتها الدراسة، وكانت نسبة الإهمال الكلية في الاستمارات إما بسبب خطأ ملء الاستمارة أو عدم الإجابة عنها هي 5.85%.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد