Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/10/2008 G Issue 13174
الخميس 24 شوال 1429   العدد  13174
هذرلوجيا
على مَنْ يا ابن بخيت؟!
سليمان الفليح

بالأمس ضحكت كثيراً وأنا أقرأ مقالة الصديق عبدالله بن بخيت المنشورة في عدد الأمس من جريدتنا الغراء هذه. ومدعاة ضحكي ليست بسبب طرافة عبدالله المعهودة ولا سخريته (المرّة) أحياناً، بل لأنني تذكرت حدثاً (طريفاً) له صلة مباشرة بدفاع أبي (يارا) عن شعوب العالم الثالث باعتبارها رمزاً للتخلف بين الشعوب، وإلقاء تهمة التخلف على حكومات هذه البلدان لا على شعوبها. وذلك لو أن تلك الحكومات وفرّت الوسائل الحضارية لتلك الشعوب المُهتمة بالتخلف جزافاً لما رأينا مثلاً مواطناً (ثلثو عالمياً) يوقف سيارته بالغلط لو توافرت له مواقف منظمة، ولما رأينا مواطناً آخر (يفعلها) في الشارع، أو في (البراحة) بتعبير أدق لو توفرت له دورات المياه، وهكذا و..إلخ.. إلخ، ولكن ما أضحكني بالفعل هو أنني تذكرت: أننا ذات يوم ومجموعة من الأصدقاء المثقفين الذين (ينظّرون) كما ينظّر صديقنا عبدالله قد خرجنا لل(كشته) في بر الكويت، وبالطبع حملنا معنا عدة الرحلة بما فيها الذبائح وما إليها من مستلزمات الوناسة وبالطبع، وكما يفعل جُلّ المثقفين العرب- في أغلب الأحيان حتى ولو تفرغوا للأنس و(الفرفشة)- فإن جلساتهم سريعاً ما تتحول إلى نقاشات تبدأ هادئة ثم تحتد بالتدريج حتى تأخذ صفة الحوار بالأيدي ولربما قد تنهي بالحوار بالأرجل. أقول: قضينا الليلة الأولى بحوار دسم وعلى خروف دسم ونمنا نوم السلاحف. عفواً قبل أن ننام تطوع أحد الأصدقاء الذين سيعودون للمدينة أن يُحضر لنا غداء (خاصاً)؛ لذلك ليس من الضرورة أن نذبح خروفاً للغداء.

وبالفعل، ما أن حل وقت الظهيرة حتى عاد إلينا الصديق إياه بما وعد من غداء (خاص)، ولأن أغلب (الشلّة) قد نهلوا من ثقافة الصحراء فلم يكن من المتوقع أن يحضر لهم الصديق الحضري الذي نهل من ثقافة الساحل مجموعة هائلة من المأكولات البحرية الغريبة مثل (الحبّار) والروبيان و(أمه) كذلك؛ أي أم الروبيان!! كما يسميها أهل الخليج، وأبوجلمبو كما يسميها بعض العرب - لاحظ اختلاف الثقافات (!!) - مع أن اسمها الصحيح (اللوبستر) وبالطبع أو بالأصح ب(الطبق) أو الطبخ، لا فرق، لم تخلُ المائدة من (القبقب) أو السلطعون أو سرطان البحر، أو سمِّه ما شئت يا عبدالله.

***

ما علينا من ذلك كله، المهم أننا بعد أن (عرمشنا) هذه الكائنات البحرية على مضض طوينا خيمتنا وارتحلنا إلى روضة قريبة تاركين خلفنا آثار الجريمة، والجريمة هي عظام هذه الكائنات التي تركناها عارية هكذا في الخلاء.

***

وفي اليوم الثاني جاءنا بدوي على حصانه الحضاري الأحمر أو (وانيته) الجمس وهو متلثم وبيده رشاش أتوماتيكي، وهو يسألنا بغضب: ماذا أكلتم بالأمس أيها (السلق). فهبَّ أحد أصدقائنا (الحضر) غاضباً: وما دخلك أنت فيما أكلنا أو لم نأكل حتى تسألنا هذا السؤال الوقح؟ وهنا حاول البدوي أن يترجل (منتخياً) عن وانيته، فاقترب منه أعقلنا وأكبرنا سناً ليسأله: نعم، عسى ما شر؟ فقال البدوي: (بل شر وشرير ونار وسعير) لقد قتلتم عدة رؤوس من أغنامي بسبب فضلات طعامكم الغريب الذي يشبه العقارب الكبيرة قولوا لي: ماذا أكلتم البارحة يا أوباش؟!

وهنا ضحكنا ودعوناه للقهوة ونحن نطبطب على ظهره ونقبِّل خشمه، وقلنا له سنعلمك (السالفة) من (طقطق للسلام عليكم). فنحن (يا راعي الهيجاء) مجرد شباب (حضر) أحضرنا معنا أسماكاً ومأكولات بحرية؛ هذه التي تقول عنها كالعقارب الكبيرة، فماذا حدث؟. قال: لقد أكلت عظامها بعض الأغنام والمعيز ومات بعضها، ثم ما دام أنكم (حضر) وتفهمون لماذا لم تضعوا (زبالتكم) في كيس قمامة؟. قال أحدنا: حتى لو وضعناها بكيس ستشقه أغنامك وتأكل البلاستيك وهذا أخطر. قال البدوي: إذن على من نلقي اللوم؟، قال: على الحكومة - أحدنا -، قال البدوي: وما دخل السياسة في الموضوع؟ فقال له صاحبنا: لأن وضع حاويات في الصحراء من اختصاص البلدية، والبلدية بنت الحكومة؛ إذن على من يقع اللوم؟!.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد