Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/10/2008 G Issue 13176
السبت 26 شوال 1429   العدد  13176
نهارات أخرى
حرم فلان وزوج فلانة!
فاطمة العتيبي

زارت الانفلونزا منزلنا.. فجعلت مني أنا الأم زائرة للمستشفى ومرافقة للأطفال.. وخلال التردد على تجمع إنساني كبير مثل المستشفى يتسنى لك مشاهدة نماذج إنسانية متعددة.

** امرأة تستثمر اسم زوجها في استخدام سنترال المستشفى والاتصال بالأطباء ووصف حالتها لهم قبل أن تدخل على العيادة.. فتقول وهي في صالة الاستقبال وعند كونتر المواعيد عبارة رددتها أكثر من خمس مرات.. (أنا حرم الشيخ فلان.. أشعر ب....و ...) فهل أدخل عند عيادتك يا دكتور.. إلى أن وصلت للطبيب المراد..

** حرم فلان.. لها وقع كبير في مجتمعنا السعودي.. فالمرأة التي تعتد بنسبها إلى زوجها وإلغاء اسمها وشخصيتها تبدو مهيبة أكثر بكثير من المرأة التي تقول:

أنا فلانة..

أو أنا مواطنة

أو أنا إنسانة

أو أنا مريضة..

** وسيدات كثيرات يصعدن إلى سماء المنصات والنجومية كونهن فقط يحملن لقب.. (حرم فلان)...!!!

** رجل سبعيني يتعكز على عصا.. وقفت زوجته الشامية (المتعافية) الشابة على كونتر المواعيد وبصحبتها طفلة تبكي ملفوف شعرها (بفوطة) وواضح أنها خارجة للتو من (شاور)..

بحس أمومي ودون أن أدري.. قلت للأم لمَ لم تجففي شعرها سيزداد ألمها مع هذا التكييف البارد.. قالت أتينا بها إلى الإسعاف تبكي بضراوة من ألم بطنها.. أدخلت سريعاً للإسعاف..

وظللت أرمق هذا الرجل السبعيني.. الذي اقترب من (المسؤولة) عن الاستقبال.. وقال: أنا زوج المرأة التي حدثتكِ الآن.. أين ذهبت؟ ثم سألها وكم دفعت..

** سؤال كم دفعت؟ .. أيقظ حزناً داخلياً عظيماً في قلبي..

سبعيني يتوكأ على عصا.. وله زوجة (شامية) متعافية تنضح شباباً ولديه طفلة لا يزيد عمرها عن أربع سنوات يتلصص على فاتورة المرض.. وكم دفعت الزوجة من المبلغ الذي في حوزتها.. هذا يحدد نوع العلاقة التي تربطهما!!

** خرجت من مواعيد أطفالي بعد نحو ساعتين.. ووجدته يسند رأسه على عصاه.. ينتظر إذ يبدو أن الزوجة (الشامية) المتعافية لا تمنحه اهتماماً ولا تعود إليه لتطمئنه..

كنت حزينة عليه..

رجل مثله يفترض أن يكون يجلس الآن على كرسي وثير في وسط مجلسه المهيب تجلس إليه زوجته (أم عياله) ورفيقة عمره يتحدثان عن الأولاد والأحفاد وعن الأعمام والأخوال ويستعيدان معاً تاريخهما ونضالهما في حياة بدأها بالكفاح وانتهيا إلى حيث الاستقرار ودفء الأبناء والأحفاد.. بدلاً من كونه زوج (فلانة) الشابة الشامية المتعافية.

** رجل سبعيني يتوكأ على عصا.. يجلس ساعات في انتظار معالجة طفلته التي ترافقها زوجة شابة جاء بها الفقر وطمع أسرتها بتمويل شهري ثابت تدفع ثمنه هي من شبابها وأحلامها وتجني على رجل سبعيني يسير خلفها ويدفع ويتلصص على فواتيرها ليحاسبها.. رجل سبعيني يتوكأ على عصا ويعرف نفسه بأنه زوج المرأة الشابة الشامية المتعافية!!!

** الحياة مليئة بآلاف الحكايات التي لا تحتاج إلا لكاميرا فنان وقلم سارد ووقت مستقطع للتأمل والتحليل!!



Fatema2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد