Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/10/2008 G Issue 13176
السبت 26 شوال 1429   العدد  13176

نعم.. يُصلح الدكتورُ ما أفسدَ الدهرُ

 

قرأت في اقتصاد الجزيرة ليوم الأحد 19- 10 في زاوية صيد الاقتصاد مقولة (لا يصلح العطار ما أفسده الدهر) وأقول إن هذا القول عجز (الشطر الثاني) لبيت شعر أعرض له فيما يلي وهو يستشهد به على الحالات الميئوس منها.

فقد قال أعرابي في امرأة تزوجها، وذُكر له أنها شابة طريّة، ودسوا إليه عجوزاً:

عجوزٌ تُرجِّي أن تكون فَتيةً

وقد نَحَل الجَنْبان واحدودب الظَّهْرُ

تدسُّ إلى العطّار سِلعة أهلها

وهل يُصْلِح العطار ما أفْسدَ الدهرُ

تَزوّجتها قبل المِحاق بلَيْلةٍ

فكان مَحاقاً كلُّه ذلك الشَهرُ

وما غرَّني إلا خِضَابٌ بكفِّها

وكُحلٌ بعَيْنيْها وأثْوابُها الصُفْرُ

فهذه العجوز وقد أصبحت (عروساً) تريد أن تكون فتية (شابة جميلة) بعد أن نحل (نحف) جنباها (خصرها) مع أن هذا من مقومات الجمال وأصبحت لها حدبة (كسنام البعير) فهي تأخذ النقود من أهلها تدسّها للعطار ليصلح ما أفسد الدهر من جمالها.. وهيهات.

وقد تزوجها قبل المحاق (اختفاء القمر) بليلة، فكانت هي المحاق وكان الشهر التالي كله محاقاً (ظلاماً) من نورها، وقد خدعته واستعملت ما يكون للعرائس من خضاب الكف بالحناء وكحل العينين والثياب الصفراء - بدلة العرس-.

وقال في قصيدة أخر:

ولا تستطيع الكُحلَ من ضِيق عَيْنها

فإن عالَجتْه صار فوق المحَاجِر

وفي حاجبيها حَزَّة كغِرارة

فإن حُلِقا كانت ثلاثُ غَرَائر

وثَدْيان أما واحدٌ فهو مِزْوَدٌ

وآخرٌ فيه قِرْبة لمُسافر

وبعد أن غرَّه الكحل بعينيها تراجع وقال إنها لا تستطيع الاكتحَال لضيق عينيها، فإن وضعته (الكحل) على عينيها صار فوق المحاجر (حول العينين في الفتحتين اللتين بهما العينان)، أما حاجباها ففيهما غرارة (قربة) وأما أحد ثدييها فهو مِزْوَدٌ (الكيس الذي يوضع به الزاد) وأما الآخر فهو قربة (لكبرهما).

ولو كانت العجوز في عصرنا هذا لذهبت لعيادات التجميل فغيروا لها لون شعرها بما تريد من أجعد ومسترسل وملون (أحمر وأخضر وأشقر وأصفر وبني وأسود وحتى أبيض)، فإن لم يوجد زرعوا لها شعراً.. وجعلوا لها الحاجبين كخط القلم، والعينان يجعلون لها أي لون تريده أخضر وأزرق وبني وأسود وعسلي وغيرها، حيث يضعون لها عدسة لاصقة ملوّنة. وأنفها إن كان كخرطوم الفيل جعلوه لها أصغر من صفارة الحكم بحجم اللوزة، والشفتان إن أرادتهما مكتنزتين - كالأفارقة - حشوهما لها، وإن أرادت الترقيق جعلوهما برقة فنجال القهوة أو أوراق الورد الأحمر، والجبين والخدان والرقبة إن هرتها التجاعيد شدوها وأصبحت ربة الوجه الصبوح.. وبالمناسبة فأول ما تُظهر كبر السن في المرأة والرجل تجاعيد الرقبة وظهور العروق وإن كان الوجه فتياً جميلاً لا تجاعيد فيه. والثديان إن استرسلا رفعوهما، وإن كانا صغيرين سويين كوّروهما كما قال نزار قباني: (والذي كان سوياً قد تكوَّرْ، وما كبر جداً من بقية الجسم كالبطن والفخذين والردفين شفطوا منها الدهون لتصبح صاحبتها غصن البان أو قضيب الخيزران، وإن صغرت حتى يسأل السائل أين هي حشوها، وكبروها حتى يصبح البطن (مخمر عجّان) أي ما يعجن به الفران الدقيق، وإن كان الردفان صغيرين نفخوهما حتى يصبحا كَكَفل صاحبة الأعشى:

إذا تقوم يضوع المسك أروقةً

واهتز منها ذَنوب المتن والكفلُ

الذنوب: القربة.

وأنا ما عندي مانع من كل هذا، بل أشجع عليه إلا ما خالف الدين؛ فالله جميل يحب الجمال.

نزار رفيق بشير - الرياض


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد