Al Jazirah NewsPaper Monday  27/10/2008 G Issue 13178
الأثنين 28 شوال 1429   العدد  13178
الرئة الثالثة
وقفتان.. للذكرى!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

(1) الحنين للعمل

في معهد الإدارة

يشدني الحنين دائماً إلى ذكرى الفترة الثمينة من حياتي الوظيفية التي أمضيتها في خدمة معهد الإدارة العامة استمرت نحو خمسة أعوام بدءا من صيف عام 1390هـ حتى نهاية عام 1395هـ (1970 - حتى 1975م)، ومنه بدأت (ماراثون) الوظيفة العامة قبل نحو أربعين عاما، بعد عودتي مباشرة من بعثة دراسية في الولايات المتحدة الأمريكية توجت بشهادة (الماجستير) في مجال الإدارة.

***

* كانت تلك الفترة حافلة بحراك الإنجاز، على أكثر من صعيد، فقد كنت محاضراً بادئ الأمر في مادة (العلاقات الإنسانية)، ثم أسندت إلي في وقت لاحق مهمة (إدارة أعمال اللجنة العليا للإصلاح الإداري) فكنت أرتب اجتماعاتها وأعد مواد العرض والمحاضر والقرارات المترتبة على ذلك، وكانت آنئذ برئاسة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز أيده الله، وكنت أخدم تلك اللجنة إضافة إلى مهامي الأخرى في المعهد، حتى انتقلت للعمل مستشارا إداريا في ديوان رئاسة مجلس الوزراء بدءا من غرة محرم 1396هـ، وأحسب أن الوفاء لمعهد الإدارة العامة، مؤسسة وقيادة وزملاء عمل، توجب علي الكتابة تفصيلاً وتحليلاً في وقت لاحق بإذن الله عن تلك الفترة الثمينة جداً من حياتي كانت لي بمثابة سنوات التأسيس لمشوار مهني ثمين يوشك أن يكمل عقده الرابع!

***

* واليوم، أعود بذهني وخاطري إلى الوراء سنينا، قبل رحيلي من المعهد وبعده، متذكرا قفزات الحلم الجميل لهذه المؤسسة الحضارية الكبرى، كيف كانت وكيف آلت، حجماً وكيفاً، لتحصد الكثير من شواهد الإبداع خدمة للموظف العام، تدريباً وتأهيلاً، وللإدارة العامة، بحثاً وتطويراً!

***

* وقد اقترنت المسيرة الهائلة لمعهد الإدارة عبر السنين بالمبادرات الطموحة والجريئة التي سنَّها لأول مرة لتفعيل أداء الإدارة، وضخ الدماء المؤهلة في شرايينها، تمثلت في استحداث ما يعرف ب(البرامج الإعدادية) أو (التدريب قبل الخدمة)، يتقدمها (برنامج الأنظمة) (لمدة عامين) ينتهي بشهادة (الماجستير) وظيفياً، ولم يكن له يومئذ من ند أو منافس على الساحة التربوية، وأذكر أن (برنامج الأنظمة) وحده حظي بردات فعل متباينة بين مرحب ومندد في بعض الأروقة الجامعية وغير الجامعية، ولم ينج ذات يوم عقب تأسيسه من (التشهير) به عبر بعض المنابر المتشددة تشكيكاً في دوره!

***

*ولقد أثبتت القيادة الحكيمة في بلادنا وسداد الرأي في إدارة المعهد، في عهد مديره الأسبق معالي الصديق الأستاذ فهد الدغيثر، أثبتت سلامة وصلابة فكرة هذا البرنامج، التي أتت أكلها بتفوق جعل الطلب لخريجيه يفوق قدرته على تلبية الاحتياج أحياناً، وقد ازدادت البرامج تمدداً وعنفواناً في عهد القيادات اللاحقة للمعهد، بدءاً من معالي الصديق الدكتور محمد الطويل، مرورا بمعالي الدكتور حمد السلوم، رحمه الله، وانتهاء بمعالي مديره الحالي الصديق الدكتور عبدالرحمن الشقاوي!

***

(2) مشوار المعاناة.. خاتمته خير

* سألني ذات مرة قارئ كريم، بعد أن

اطلع على الجزء الأول من سيرتي الذاتية (قطرات من سحائب الذكرى) فقال ما معناه: (أنك - يقصدني - ابتليت بتعدد الخيارات المرة في حياتك، وفي طفولتك خاصة)، وتساءل عما إذا كانت هذه الخيارات قد ألحقت بي ضرراً من نوع ما، فكتبت له ردا قلت فيه:

* أيهما أفضل لحياة الإنسان، أياً كان

منبته، أن يبتلى بالتوحد في ظل خيار واحد للعيش، أم أن ينعم بخيارات عدة يصطفي منها ما يشاء؟

أعتقد أن الخيار واضح بين البديلين، وتبقى بعد ذلك مهمة عقل المرء في التدبر السليم بحثاً عن الأفضل!

***

* أما بالنسبة لي، فقد كاد مسار

حياتي أن يبتلى بعقدة التوحد اكتفاء بخيار واحد، لكن الله كان لي عوناً ومعيناً! ونفعني مشوار المعاناة في تلمس درب يخرجني من سطوتها، ولو استسلمت لخيار البقاء في القرية أسير الوحدة، لغدا لي الآن شأناً آخر، والله وحده أعلم بما كان يمكن أن يكون!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5141 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد