Al Jazirah NewsPaper Monday  27/10/2008 G Issue 13178
الأثنين 28 شوال 1429   العدد  13178
لا تظلموا جامعة الإمام
بقلم: خالد المالك

حين يكون الحديث عن التعليم العالي في مناطق نجد - تاريخاً وأسبقية وتأثيراً - فإن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سوف تفوز بقصب السبق والريادة والتأثير، وسوف نجد في رموز خريجيها علامات مضيئة ومشرقة لتاريخها ومخرجات تعليمها؛ حيث العلماء والأدباء والشعراء والمفكرون، وبخاصة عندما لا يقع هذا الرصد الأمين تحت تأثير نزوات محدودة من الأخطاء والتجاوزات والممارسات غير المقبولة التي ارتكبتها فئة قليلة ممن ينتسبون إلى هذه الجامعة من طلابها وخريجيها، فتلقفها البعض واتكأ عليها ليشوه صورة الجامعة، ويحاول أن يقضي على كل تميز جميل يمكن أن يقال عنها.

***

مناسبة هذه الكلمة أو - الشهادة إن شئت! - أن رعاية صحيفة الجزيرة لكثير من فعاليات ونشاطات الجامعة مؤخراً، ثم شراكتها فيما بعد مع الجامعة في كرسي الجزيرة للإعلام الجديد، مكنني من التواصل معها حضوراً، ومن خلال شبكة الاتصالات، لأسمع من مديرها ووكلائها وعمداء كلياتها وأساتذتها ومسؤوليها الكثير من الأخبار والمعلومات والآراء لتنجلي إثر ذلك صورتها إيجاباً وبهاءً بأكثر مما كان في ذهني من انطباعات عنها.

***

وهذه مناسبة لأدلي بدلوي في موضوعين مهمين تم تناولهما عن الجامعة من خلال صحيفة الجزيرة في صيف هذا العام خلال تمتعي بإجازتي السنوية خارج المملكة، الأول منهما يتعلق بانكفاء الجامعة على نفسها وعدم مشاركتها في إعلان موقفها من توسعة المسعى مع أنها مؤسسة تعليمية دينية معنية بذلك كما يقولون، ويرى من كتب عن هذا الموضوع بأنه كان عليها أن تكون ضمن من شاركوا في إيضاح ما ينبغي إيضاحه، والموضوع الثاني توجهها نحو فتح المجال أمام كليات وتخصصات علمية مخالفة - كما يعتقد البعض- لتقاليدها وسياساتها وما عرف عنها من أنها جامعة إسلامية كما هو مسماها، وأن هذا التوجه الجديد ينقلها من موقعها كجامعة إسلامية لتكون مثلها مثل بقية جامعات المملكة في ظل تعدد التخصصات وتنوعها.

***

ومع أن صحيفة الجزيرة - وكعادتها - مكَّنت وجهتي النظر في القضيتين من أن تريا النور، وأن يعبر أصحابهما بحرية كاملة عن آرائهم ضمن اجتهاد الجزيرة ورغبتها بوضع حد لكل انتقاد يغرد خارج سرب المستقبل الموعود به التعليم في المملكة من حيث متطلباته ومستجداته، فإن موقفها ظل على الحياد لثقتها بأن القارئ من الوعي بدرجة يستطيع أن يستخلص النتائج من خلال الاطلاع على مثل هذا الحوار البناء والمناقشات الموضوعية، غير أن الموضوعين وعلاقة الجامعة - كمؤسسة تعليمية رائدة- بهما رأيت فيهما شخصياً من الأهمية ما شجَّعني على إثارتهما من جديد، مع احترام كامل لكل من سبقني في إبداء الرأي سواء من أتفق معه أو من أخالفه وأختلف معه في وجهة نظره حول القضيتين.

***

ففي قضية عدم صدور فتوى من الجامعة بشأن توسعة المسعى، كما لو أنه موقف سلبي من الجامعة وتقصير منها في أداء واجبها نحو قضية مهمة شاركت فيها بالإضافة إلى الأفراد بصفاتهم الشخصية جهات ومؤسسات دينية في الداخل والخارج، فهذا الاتهام يدين كاتبه في خلطه للمسؤوليات وعدم فهمه لحدود مسؤوليات واختصاصات الجامعة بأكثر مما يدين الجامعة نفسها بالتقصير، إذ لا يجوز للجامعة بحكم الاختصاص أن تصدر فتوى أو بياناً تحدد فيه موقفها من هذا الموضوع، في مقابل ذلك فإن منسوبيها من العلماء والأساتذة يستطيعون بصفتهم الشخصية أن يدلوا بدلوهم ويشاركوا بما لديهم من علم في إبداء آرائهم، وهذا قد حصل.

***

في القضية الأخرى التي تركز الاحتجاج فيها ممن كتب عنها على توسيع التخصصات في الجامعة من خلال إنشاء وفتح كليات علمية جديدة كالطب والهندسة وغيرها، وعدم اقتصارها على العلوم الشرعية مثلما يريد بعض من كتب عن ذلك، بينما أرى وكثيرون غيري يرون أن ما فعلته الجامعة وتفعله الآن هو عين الصواب، ويظهر - بنظري - بعد نظر قيادتها ومسؤوليها في قراءة واعية لما تشهده المملكة من تطور يتطلب أن تقدم هذه الجامعة وبقية الجامعات السعودية القوى البشرية المؤهلة لخدمة الوطن في كل مجال وميدان، وأضيف إلى ذلك بأن أي وجهة نظر تعارض دراسة الطب أو الهندسة أو العلوم الأخرى غير الشرعية من أن يكون لها حضور أو نصيب إلى جانب كلية الشريعة وكلية أصول الدين في هذه الجامعة، إنما هي وجهات نظر أقدرها وأحترمها، لكنها بالتأكيد لن تخدم مستقبل الجامعة، ولن تشجع الطلاب على الدراسة فيها.

***

نعم، ينبغي الاهتمام بالكليات الشرعية، وعدم الانشغال عنها بتركيز الاهتمام فقط على الكليات العلمية التي انضمت إلى منظومة التعليم في الجامعة، لكن ينبغي أن يكون من ضمن الاهتمام بالكليات الشرعية تطوير مناهجها وأسلوبها بما يخدم رسالتها ويلبي متطلبات مؤسساتنا الدينية، ويساعد الدارسين من خلالها على تأهيلهم التأهيل المناسب لميدان العمل كلاًّ في مجال تخصصه.

***

لقد وجدت الجامعة بمديرها ووكلائها وعمداء كلياتها وأساتذتها، وكل من أسعدني الوقت بسماع وجهات نظرهم حول مستقبل الجامعة والتعاون معها إعلامياً، وانفتاحهم على المستجدات في مخرجات التعليم، وتأكيدهم أن الجامعة تنال أهمية خاصة من المقام السامي، وأنها ستظل بيدٍ أمينة، وأن أي تطور أو تجديد أو إضافة سوف تسبقها دراسات للتأكد من أنها تصب في مصلحة ديننا ووطننا، وهذا ما أسعدني وسوف يسعدكم، فهذه الجامعة التي بدأت بكليتين، أصبحت واحدة من أهم الجامعات السعودية التي نعتدُّ بها.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 2 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد