Al Jazirah NewsPaper Tuesday  28/10/2008 G Issue 13179
الثلاثاء 29 شوال 1429   العدد  13179
إشكاليات البدلات الجديدة لأساتذة الجامعات
د. عبدالرحمن بن فهد المرشود

في البدء أود التنويه بأهمية تلك البدلات والحوافز التي وافق عليها مجلس الوزراء من أجل تلبية الحاجات المالية والوظيفية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، حيث جاءت في وقت كثر فيه تسرّب أعضاء هيئة التدريس إلى مؤسسات القطاع الخاص التعليمية منها والمهنية وكثر فيه إنشاء جامعات جديدة هي بأمس الحاجة إلى وجود أعضاء هيئة التدريس السعوديين فيها.

ولكن هناك بعض الإشكاليات التي ستنشأ عن تطبيق تلك البدلات والحوافز وفيما يلي وقفات مع تلك الإشكاليات التي لم أر أحداً تطرق إليها ممن كتب حول هذا الموضوع أضعها بين يدي اللجان التي سيوكل إليها وضع اللوائح التنظيمية والتفصيلية لتلك القرارات.

أولاً: مكافأة نهاية الخدمة

جاء في تلك القرارات أن مكافأة نهاية الخدمة يستحقها من أمضى عشرين سنة في التعليم العالي، أي أن من كان جزءاً من خبرته في غير قطاع التعليم العالي لا يستحق المكافأة إلا بعد مضي عشرين سنة في التعليم العالي، وفي رأيي أن هذا الشرط سيكون عائقاً أمام الذي يرغبون في التحول من قطاع التربية والتعليم أو القطاع الصحي إلى قطاع التعليم العالي إذا ما علموا أن خبراتهم السابقة لن تؤخذ بالحسبان عند حساب مكافأة نهاية الخدمة، وبالتالي فإن هذا الشرط سيكون له أثر معاكس للمادتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من اللائحة المنظّمة لشئون أعضاء هيئة التدريس اللتين عدلتا في العام الماضي فأصبحتا تنصان على عدم نقصان راتب من يتحول من أحد السلالم الوظيفية إلى سلم أعضاء هيئة التدريس وذلك من أجل حث حملة الدكتوراه في القطاعات الأخرى على الانتقال إلى الجامعات وخصوصاً أن الحاجة ماسة إلى خدماتهم في ظل وجود اثنتي عشرة جامعة جديدة وبالتالي فإن عدم احتساب خدماتهم السابقة سيكون عائقاً أمام تحولهم إلى الجامعات.

أيضاً فإن هذا الشرط سيكون سبباً في ضياع الخدمات السابقة لمن تم تحويلهم إلى سلم أعضاء هيئة التدريس كأساتذة كليات المعلمين فقد كانوا على سلم المعلمين وكذلك بعض منسوبي كليات البنات والكليات الصحية الذي حولوا حديثاً ومن سيحول مستقبلاً، هل سيفقد هؤلاء حقهم في مكافأة نهاية الخدمة بسبب عدم احتساب خدماتهم السابقة، وما ذنبهم إن كان تحويلهم بغير اختيارهم.

يبدو لي أن هذا الشرط وضع كي لا تكون الجامعة هي المحطة الأخيرة لكل من أراد أن ينهي حياته الوظيفية، وللخروج من هذا الإشكال يمكن أن يشترط أن تكون الخبرة السابقة في نفس المجال التعليمي أو تخدم العمل الأكاديمي كما يمكن أن يوضع حد أعلى للخبرة السابقة (عشر سنوات مثلاً) وما زاد عنه لا يحتسب، بل يمكن أيضاً إبقاء هذا الشرط كشرط استحقاق وعند احتساب المكافأة تؤخذ الخدمة السابقة بالاعتبار.

كذلك ورد في القرار أن الخدمة تحتسب ابتداءً من درجة محاضر فأعلى ومن الملاحظ أن وظيفة محاضر قلية جداً في الجامعات فبعض المعيدين لا يتسنى له الترقية إلى درجة محاضر بعد حصوله على الماجستير مباشرة وربما ينهي الدكتوراه وهو ما زال على وظيفة معيد، بل إن بعض الجامعات لا ترقي من يحصل على الماجستير إلى محاضر، بل تبقيه في درجة معيد إلى أن يحصل على الدكتوراه من أجل حثه على الإسراع في إنجاز الدكتوراه، بل إنني أعرف من بقي في وظيفة معيد ما يقارب السنة بعد حصوله على الدكتوراه وذلك لعدم توفر وظيفة أستاذ مساعد. أعتقد أنه من الظلم البيِّن لمثل هذه الحالات وهي كثيرة في السنوات الخمس عشرة الماضية أن تلغى السنوات التي قضوها في درجة معيد من فتره احتساب الخدمة لان فترة الإعادة بالنسبة لهم ليست سنتين أو ثلاث كما هو المفترض، بل ربما شملت فترة الابتعاث كلَّها.

والحل الأسلم في نظري هو اعتبار فترة الإعادة ضمن فترة الخدمة المعتبرة وخصوصاً أن القرارات الأخيرة لم تعط المعيد شيئاً، ولا يخفى أن بعض الكليات خصوصاً الهندسة والكليات الصحية تعاني من نقص شديد في عدد المتقدمين للإعادة ليس بسبب عدم وجود وظائف فالوظائف موجودة ولكن بسبب المنافسة الشديدة من القطاع الخاص، وخصوصاً أن رواتب المعيدين تعتبر متدنية.

وإذا كان هناك إصرار على استثناء فترة الإعادة من الخدمة المستحقة للمكافأة فالأفضل أن تعتبر بداية الخدمة من تاريخ الحصول على الماجستير وليس التعيين على وظيفة محاضر مع العلم بأن هناك من أعضاء هيئة التدريس من حصل على الدكتوراه مباشرة دون أن يمر بمرحلة الماجستير.

ثانياً: بدل الجامعات الناشئة

إن لم أكن مخطئاً فالهدف الذي جعل من أجله هذا البدل هو تشجيع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المختلفة على الانتقال إلى الكليات الجديدة التي تعاني من نقص في أعضاء هيئة التدريس السعوديين، إذا كان ذلك هو الهدف فالأفضل في رأيي أن يكون بدلاً للكليات الناشئة وليس للجامعات الناشئة، لأنك تجد جامعة ناشئة لديها كلية عريقة واحدة أو أكثر وقد اكتظت بأعضاء هيئة التدريس السعوديين، كما أنك تجد جامعة عريقة لديها كلية ناشئة تعاني من نقص شديد في أعضاء هيئة التدريس السعوديين، كما أن مدى النشوء من عدمه يجب أن يعتمد على نسبة السعوديين في الكلية، فإذا كان عدد أعضاء هيئة التدريس السعوديين يحقق النسبة المطلوبة في الكلية فالكلية تعتبر غير ناشئة وإذا كانت أقل من الحد الأدنى فالكلية تأخذ أعلى درجات النشوء وهكذا.

ثالثاً: بدل التعليم الجامعي

ورد في القرار أن بدل التعليم الجامعي يصرف لمن يبلغ نصابه الحد الأعلى وفي الغالب أن النصاب لا يصل إلى الحد الأعلى لأسباب كثيرة، وهل من نقص الساعة والساعتين يحرم من بدل التعليم الجامعي ويساوى بمن يحمل ربع الحد الأعلى فقط، كذلك الذين يكلّفون بأعمال أخرى في القسم أو الجامعة غير تلك التي خصص لها مكافآت هل تحتسب أعمالهم ضمن النصاب أم لا. وما هو مصير بدل التعليم الجامعي أثناء الإجازات هل يبقى أم ينقطع؟

وما هو نصيب المكلّفين بأعمال إدارية (العميد والوكيل ورئيس القسم) من بدل التعليم الجامعي، هل عليهم إكمال النصاب أم لا؟ بالتأكيد هم لا يستطيعون إكمال النصاب مع القيام بأعمالهم الإدارية فهل سيحرمون منه؟ إن كان القول إن المكافآت التي خصصت لهم هي عوض عن ذلك فهم مغبونون لأن مكافأة العميد وهي الأعلى ستكون أقل من بدل التعليم الجامعي للأستاذ المساعد وهو الأقل، وهذا سيكون مبرراً قوياً للتهرّب من الأعمال الإدارية.

رابعاً: مساكن أعضاء هيئة التدريس

ورد في القرار أنه سيتم تخصيص خمسة مليارات ريال لبناء مساكن لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، في رأيي أن هذا المبلغ لا يعتبر دعماً لأعضاء هيئة التدريس بقدر ما يعتبر دعماً للجامعات لإكمال بنيتها التحتية، المهم متى سيتم الانتهاء من هذه المساكن وإذا تم كيف سيكون النظام؟ هل سيتبع نفس نظام الإسكان الحالي (النظام الحالي: للمتعاقد يوفر السكن أو 25 ألف ريال سنوياً كبدل سكن مع بدل تأثيث لمرة واحدة، وللسعودي لا يوجد بدل سكن وإن توفر السكن فهو بمقابل استقطاع شهري من الراتب!!)

والسؤال هو: هل ستكون تلك المساكن عند توفرها مجانية عوضاً عن بدل السكن الذي لم يقر؟ أم باستقطاع شهري من الراتب؟ كذلك عضو هيئة التدريس الذي لا يرغب بالسكن في الجامعة أو لا يكفيه مسكن الجامعة الصغير، هل يضيع حقه في السكن؟

هذه بعض الإشكاليات التي بدت لي أضعها بين يدي اللجان التي سيوكل إليها وضع اللوائح التنظيمية والتفصيلية لتلك القرارات عسى أن تكون عوناً لهم. والله الموفق،،،

وكيل كلية الهندسة للشئون التعليمية - جامعة القصيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد