Al Jazirah NewsPaper Tuesday  28/10/2008 G Issue 13179
الثلاثاء 29 شوال 1429   العدد  13179
من المحرر
ماذا بعد ندوة تحديات النقل والمرور؟
عمرو بن عبدالعزيز الماضي

اختتمت مؤخراً ندوة تحديات النقل والمرور، وقد صدر عنها عدد من التوصيات الهامة التي تمنينا أن نجد فيها ما يعالج جانب السلامة المرورية الغائبة عن شوارعنا، ففي الوقت الذي نرى فيه تطورا هائلا في هذا المجال في دول الخليج الشقيقة مازالت هندسة السلامة المرورية تحبو لدينا، وتتجاذبها أكثر من جهة؟!

كيف نطالب السائق لدينا بالالتزام بالأنظمة المرورية، ولايوجد لدينا أساسا تصميم هندسي سليم للشارع؟!! حوادث بالعشرات يوميا في شوارعنا ليست كلها بسبب قلة الوعي المروري وإنما بسبب التصميم السيئ للاستدارات وفتحات الدخول والخروج من الطرق!! إن من تقوده الحاجة للمرور بتقاطع الدائري الشمالي مع طريق عثمان بن عفان يرى أن هناك تجديدا وفكرا هندسيا جديدا ساهم في فك الاختناق هناك، إلا أنه عرض الكثير من السيارات للتلف بسبب كثرة المطبات الصناعية الموضوعة فيه، مما جعل مدينة الرياض تحتل المركز الأول عالميا في عدد المطبات الاصطناعية، فكم من امرأة فقدت جنينها بسبب تلك المطبات والحفر المفاجئة، وكم من مواطن تلفت سيارته ولم يجد تعويضا، وكان من الأفضل الاستعاضة عنها بالتوعية أو حتى بمطبات بلاستيكة أقل تأثيرا.

إن الكثير ممن يقودون سياراتهم يجهلون أساسا الكثير من الإشارات، والأنظمة المرورية لأنهم تعلموا القيادة في الشارع، وليس عن طريق مدرب لتعليم القيادة الذي يعلم السائق كيف يتوقف، وأين يتوقف، ومتى يتوقف، وكيف يتجاوز، ومتى يتجاوز، وكيف يعطي الأفضلية للآخرين وخاصة للمشاة، كما هو الحال في الكثير من دول العالم!! نحن في زمن أصبحت الحركة المرورية تدار من خلال غرف التحكم السيطرة، أما لدينا فمازالت الكثير من الشوارع تنفذ بطريقة ارتجالية لا تخلف إلا أشباه المشروعات، كما هو الحال في استدارات عثمان بن عفان ودوارات طريق الشيخ جابر! إن من يسير بسيارته خارج المملكة يشعر بمتعة القيادة، ويستمتع بتطبيق كافة القواعد المرورية لأن تصميم الشارع يساعده لكونه منفذا بطريقة هندسية رائعة تراعي قواعد السلامة، أما لدينا ففتحات الاستدارة في الأرصفة خاطئة تساعد قائد السيارة على عكس السير وارتكاب المخالفات المرورية، وأكاد أجزم ان 80% مما نفذ منها في مدينة الرياض خاطئ، ناهيكم عن فتحات الدخول والخروج وضعت بشكل خاطئ ومتقاطع، كما هو الحال في الفتحات الواقعة أمام مقر مصلحة المياه، ومبنى البنك الأهلي في طريق الملك عبدالله، حيث لايمر يوم دون وقوع حادث مروري مفجع تذهب فيه الكثير من الأرواح!!

ولا أدري كيف سيتم تطبيق نظام ضبط ومراقبة المخالفات المرورية من خلال الكاميرات، إذا كان هذا حال شوارعنا؟! كنت أتمنى لو أن الندوة خرجت بتوصية تحث على إعادة هندسة شوارع وطرق العاصمة حتى ولو تم التعاقد مع شركات عالمية متخصصة كما هو الحال في دول الخليج المجاورة وعدم ترك هذه المهمة (للمبلطين) في الإدارة العامة للتشغيل والصيانة أو العمال في الشركات المتعاقد معها الذين يحددون أماكن الفتحات في الأرصفة، حتى لا نرى استدارات على شاكلة طريق عثمان بن عفان الذي رغم عدم تجاوز فهمي للهندسة ما تضمه علبة الهندسة من مثلث ومربع ودائرة وفرجار إلا إنني أستطيع أن أصمم استدارات ذلك الطريق، أحسن بألف مرة مما هي عليه الآن!! وأرصفة المشاة المطورة مازالت تعاني من خلل هندسي بسبب عدم المتابعة ووجود المتخصصين، فمزالق عربات المعوقين في أرصفة المشاة المطورة نفذت بشكل خاطئ مما جعل البعض تستخدمها كفتحات للاستدارة بسبب اتساعها عن الحد المتعارف عليه عالميا!!

كما أن الأشجار المزروعة فيها ماتت وتركها المقاول بعد انتهاء المشروع، إنني مازلت أتساءل من يصمم الطرق لدينا، ومن يضع الإشارات؟ يوجد في شوارعنا إشارات هي أغرب إشارات رأيتها في العالم ولاتدل على ما بداخلها، كالسهمين اللذين يشيران لإمكانية الدخول إلى طريق الخدمة والخروج منه مع ان الفتحة مخصصة للدخول أو الخروج فقط مما يسبب الحوادث؟!! إننا بحاجة إلى تقويم مروري لشبكة الطرق في بعض المخططات السكنية، وبحاجة للاهتمام بالأنظمة الخاصة بتصميم الطرق من خلال الاستفادة من الجمعيات الدولية، وإلحاق المهندسين بدورات متخصصة في السلامة المرورية، وكنت أتمنى أن تراعي وزارة النقل وأمانات المدن السلامة المرورية قبل أن تبدأ في تنفيذ مشاريعها حتى في المراكز والمحافظات، حتى لاتعدل بعد أشهر أو سنوات أخطاء هندسية في تلك المشاريع التي كلفت الملايين، وكنت أتمنى أن أرى توصية للاستفادة من طلبة المراحل النهائية في كلية الهندسة أن يخصصوا بحوث تخرجهم عن رفع مستوى السلامة المرورية في طرق وشوارع وأحياء المحافظات والمراكز بدل من أن يتولى التصميم رئيس البلدية فيضع لنا مطبات عالية في مراكز تعتبر مناطق عبور لدول مجاورة أن ثلث أسرة مستشفياتنا مشغولة بمصابي الحوادث المروية، حيث تبلغ تكلفتها سنوياً 18 مليار ريال ألا يستحق هذا الرقم أن نخرج بتوصيات لتطوير مدارس تعليم القيادة، وإعادة تخطيط وتصميم الطرق في العاصمة، وإنشاء مواقف لليموزين بدلاً من سيرها في الطرق وتسببها في التلوث والحوادث؟! إننا مازلنا نقرأ منذ سنوات الكثير من التصريحات من المسؤولين في وزارة النقل لتخصيص مواقف لها ولم نر شيئا حتى الآن؟!!

إن توفير بيئة للسلامة المرورية سيؤدي إلى خفض الحوادث المرورية والوفيات التي يحدث معظمها بسبب أخطاء هندسية يتعرض لها قائد المركبة، أو حتى قلة وعيه بالأنظمة، إن توفير السلامة المرورية من خلال هندسة مرورية فاعلة ومتطورة سيقلل الضغط على المرافق الصحية، وبالتالي على ميزانية الدولة، كما سيريح رجل المرور، ويقلل مما تدفعه شركات التأمين من مبالغ كبيرة لإصلاح السيارات.

إن الإدارة المرورية المتقدمة لن يتمكن أحد من تطبيقها بشكل احترافي اذا لم يتحسن حال هندسة السلامة المرورية النائمة لدينا، وكان الله في عون رجال المرور الذين يستنزفون الكثير من الجهد، والوقت بسبب أخطاء هندسية كان من الممكن معالجتها وحلها من الأساس!



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5324 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد