Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/10/2008 G Issue 13181
الخميس 02 ذو القعدة 1429   العدد  13181
الحلقة الأضعف
نادر بن سالم الكلباني

غالباً نضع أنفسنا في المستوى الأدنى مقارنة بغيرنا ممن لا يُلقي بالاً لنا أو اهتماماً بنا كما نفعل نحن معه، أو كما نسعى أن نشيع بين أفرادنا باجتهاد غريب لتبجيل هذا الذي نسميه بالآخر، فنحن كما يفرض مثقفونا ومناصرو الحداثة علينا أن نسارع لهذا الآخر، نسمعه ونتلطف إليه، ونؤكد له تفهمنا لقضاياه وحرصنا على مفاهيمه ومبادئه حتى وإن كان هذا الآخر يعمل فينا بما يحدثه من واقع أفعاله ما يضر بنا ويسيء إلينا، ويسعى بكل قواه ن يُنهي وجودنا ويذيب ثقافتنا، ويصنفنا على أساس أننا مجرد أفراد لا يفترض أن نكون جماعات مخلوقون ومسخرون له ليتمتع هو ويحدث في عالمنا ما يراه يتوافق مع نزواته وهوى نفسه، وتحت هذا الضغط الذي لا يفتر من مثقفينا ومن الآخر، نقنع أنفسنا أننا إن لم نسترض هذا الآخر ونتقرب إليه فإننا إلى عزلة وتخلف عن ركب عالم لا نسيره نحن بل يُسيره هذا الآخر وفقما يريد والذي مهما فعلنا لا نرضيه بل نحفزه للمطالبة بالمزيد.

أسأل نفسي دائماً عندما أسمع أحدهم يردد بحماسة غريبة أن علينا أن نقبل الآخر ونتحاور معه ونبدي له حسن نوايانا، لماذا لا يفعل هذا الآخر معنا ما نفعله نحن معه؟ ولماذا لا تأخذه الحماسة كما تأخذنا للتقرب إلينا وفهم معتقداتنا ومناهج حياتنا؟ لماذا يُطلب منا أن نتغير نحن لمصلحة الآخر دون أن يطلب من الآخر أن يتغير ولو قليلاً لمصلحتنا؟ لكنني لا أجد الجواب غير أن أقنع نفسي أننا رضينا أن نكون دائماً الحلقة الأضعف، أو الجانب غير السوي عندما تفرض الظروف أن نتفاعل مع الآخر أو نواجهه، ولا أريد أن أقول إن كثيراً منا وللأسف كرهوا واقعنا وقيمنا وثقافتنا، وفتنوا بثقافة الآخر وواقعه الذي يرون فيه المدنية بكل أشكالها والحرية دون قيود لها، والمنطق الذي يتغير ويتلون بتغير كل حال ولونه، وعلى هذا لا أعتقد أننا يمكن أن نسوق للآخر ما نستنقصه أصلاً وسنبقى في كل حال الحلقة الأضعف التي تعتمد على هذا الآخر.. والله المستعان.



naderalkalbani@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد