Al Jazirah NewsPaper Thursday  30/10/2008 G Issue 13181
الخميس 02 ذو القعدة 1429   العدد  13181
النساء والحملة الرئاسية الأمريكية
ستيفاني كونتز

إن باراك أوباما وجون ماكين هما المتنافسان على منصب الرئاسة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هذا العام، ولكن الحملة الانتخابية كانت أيضاً تحت هيمنة سيدتين مختلفتين تمام الاختلاف، هيلاري كلينتون وسارة بالين. الحقيقة أن العديد من المراقبين يعتقدون أن النساء سوف يقررن نتيجة هذه الانتخابات. وهنا أعيد صياغة الجملة الشهيرة التي قالها سيغموند فرويد: (ماذا يريد النساء الأمريكيات؟).

حتى ستينيات القرن العشرين كان النساء الأمريكيات أكثر ميلاً من الرجال إلى تأييد الجمهوريين. وفي انتخابات العام 1980 نشأت فجوة مختلفة بين الجنسين، حيث أصبح النساء أكثر ميلاً إلى تأييد الديمقراطيين. وفي العام 1996 كان التأييد النسائي للرئيس بل كلينتون أعلى بحوالي 14 نقطة نسبية من تأييد الرجال له، وفي العام 2000 فضَّل النساء آل غور على جورج دبليو بوش بحوالي 12 نقطة.

ولكن منذ العام 1996 انقسمت الفجوة بين الجنسين بالتساوي. فالنساء اللاتي يعدن إلى تأييد الجمهوريين، هن أكثر شعوراً (بالحس الأمني) طبقاً للحكمة التقليدية السائدة - نساء الضواحي والأمهات اللاتي بدأن يشعرن بالقلق على سلامة أسرهن بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر - أيلول 2001. وحين عمد ماكين إلى اختيار سارة بالين فإنه كان بذلك يحاول اجتذاب هؤلاء الأمهات والتقاط أصوات النساء المحبطات بسبب خسارة هيلاري كلينتون.

الحقيقة أن التحول نحو الجمهوريين منذ العام 2001 كان مقتصراً إلى حد كبير على النساء الجنوبيات من ذوات البشرة البيضاء. وطبقاً لملاحظات العالمة السياسية كارين كوفمان، فإن 50% من الأمهات صوتن لصالح بوش في العام 2000، ثم انخفض هذا المعدل في العام 2004 إلى 49%. ولكن النساء الجنوبيات اللاتي كن أكثر ميلاً من الرجال الجنوبيين من ذوي البشرة البيضاء إلى دعم بل كلينتون في العام 1996 وآل غور في العام 2000، كن أقل ميلاً من الرجال الجنوبيين إلى دعم جون كيري في العام 2004. ولكن هناك الآن اختلاف أكبر في أفضليات التصويت بين النساء الجنوبيات من ذوات البشرة البيضاء وبين النساء من ذوات البشرة البيضاء في بقية البلاد، مقارنة بالاختلاف بين الرجال والنساء.

فخارج الولايات الجنوبية، سوف نجد أن الناخبات أقل ميلاً إلى تأييد صقور السياسة الخارجية وأكثر ميلاً إلى دعم الإنفاق على الصحة، والتعليم، وغير ذلك من برامج الرفاهية الاجتماعية. والنساء أيضاً يملن إلى التعاطف بشكل أكبر مع الجهود الرامية إلى تقليص التفاوت في الدخول، ولكن الرجال الأمريكيين من ذوي الأصول الإفريقية أيضاً لا يقلون (تعاطفاً) مع هذه القضايا عن النساء الأمريكيات من أصول إفريقية.

ولكن هل يستطيع أي من الحزبين حقاً أن يفوز باللعب على وتر الفوارق بين الجنسين؟ إن النساء يحببن أن يرين غيرهن من النساء في مراكز زعامية. وحين رشح الديمقراطيون جيرالدين فيرارو لمنصب نائب الرئيس في العام 1984، نجح ذلك في اجتذاب حشود هائلة من النساء، تماماً كما فعلت بالين اليوم. وبعد ترشيح بالين بفترة بسيطة، كانت واحدة من بين كل ثلاث نساء من ذوات البشرة البيضاء تقول إنها أكثر ميلاً إلى التصويت لصالح ماكين.قد يبدو من المعقول للوهلة الأولى أن تتمكن الأحزاب السياسية من ترجمة وعي النساء فيما يتصل بمسألة الجنسين وتحويله إلى كتلة تصويت موحدة. فالنساء تجمعهن بعض المصالح المشتركة، وخاصة فيما يتصل بالسيطرة على قراراتهن الإنجابية وحماية أنفسهن من الاستغلال الجنسي والاغتصاب. ويستاء أغلب النساء أيضاً من حكم أجهزة الإعلام عليهن بقسوة مقارنة بحكمها على الرجال. ولأن النساء عموماً يتوقعن تحمل أغلب المسؤوليات عن تغذية الأطفال وتنشئتهم، فإنهن يملن إلى تقييم السياسات الاجتماعية من خلال هذه العدسة.ولكن الكيفية التي يتعامل بها النساء مع المصالح المتعلقة بالإنجاب والجنس والأسرة تتفاوت طبقاً لمراكزهن الطبقية وخياراتهن الشخصية خارج نطاق الأسرة. فالنساء اللاتي يتنافسن في سوق العمالة يملن عموماً إلى دعم الجهود الرامية إلى تحدي المعايير الجنسية المزدوجة وإدانة التحرشات الجنسية بكل شراسة. ولكن النساء الأكثر اعتماداً على أزواجهن كثيراً ما يتقبلن معياراً مزدوجاً يؤكد على طهارة ونقاء الأنثى وشجاعة وجدارة الذكر. وهؤلاء النساء يعتقدن أن الالتزام بالأدوار الجاهزة التي يفرضها المجتمع على الجنسين تشكل حماية للمرأة (الصالحة).وعلى نحو مشابه، يدرك النساء أنهن يحصلن عادة على أجور أقل مما يحصل عليه الرجال وفرص أقل للترقي مهنياً مقارنة بالفرص المتاحة للرجال. ولكنهن قد يخترن إستراتيجيات مختلفة في التغلب على هذه العقبات. فهؤلاء القادرات أو المرغمات على دعم أنفسهن خارج نطاق الزواج يملن إلى تأييد توسيع الفرص الاقتصادية أمام النساء ومعارضة القوانين والقيم التي تمنح السلطة الأسرية للأزواج والآباء.في المقابل، سنجد أن النساء اللاتي يتمتعن بقدر أقل من الاستقلال الاقتصادي قد يشعرن بأن مصالحهن سوف تُخدَم على نحو أفضل من خلال التأكيد على التدرج الهرمي داخل الأسرة والواجبات المتبادلة. وقد ينظرن إلى إذعان الزوجة باعتباره أساساً لتعزيز التزام الزوج بإعالة الأسرة.

وحتى فيما يتصل بقضايا مثل منع الحمل أو الإجهاض، فإن مواقف النساء تتأثر أحياناً بفعل تقييمات متضاربة. فالنساء اللاتي يخططن لتأجيل الزواج إلى أن يتمكن من بناء مستقبلهن المهني يملن إلى الرغبة في ضمان قدرتهن على تجنب أو إنهاء أي حمل غير مقصود. أما النساء اللاتي يعتقدن أن أفضل أمل لهن في التمتع بنعمة الأمن يتلخص في العثور على زوج فإنهن يرين أن السماح للنساء بالإفلات من العواقب البيولوجية المترتبة على ممارسة الجنس من شأنه أن يجعل الرجال أقل رغبة في عرض الزواج عليهن.وعلى نحو مماثل، سنجد أن النساء اللاتي يرغبن في البقاء في المنزل مع أطفالهن يملن إلى تأييد الإعفاءات الضريبية أو الإعانات الأسرية، بينما النساء اللاتي يرغبن في الجمع بين العمل والأسرة أكثر ميلاً إلى تأييد التوسع في توفير الرعاية للأطفال وإجازات رعاية الأسرة.

إن مثل هذه الاختلافات تتفوق في الأمد البعيد على العوامل المشتركة بين النساء. فقد هبطت معدلات الموافقة على بالين بين النساء بعد أن أدركن المزيد عما ترمز إليه وتدافع عنه. والسبب الرئيسي الذي يجعل بعض النساء - وعدداً متزايداً من الرجال - أكثر ميلاً إلى التصويت لصالح فريق ماكين / بالين ليس جنس بالين، بل لأن وجود اسمها على التذكرة الانتخابية من شأنه أن يطمئن المحافظين الاجتماعيين إلى استعداد ماكين لاستيعاب أجندتهم الاجتماعية.

بيد أن ترشيح بالين ربما أسفر عن عاقبة غير مقصودة فيما يتصل بنظرة المحافظين الاجتماعيين إلى القضايا المتعلقة بالذكر والأنثى. ففي هذا الصيف وجد مركز بيو Pew للأبحاث أن 20% فقط من الجمهوريين يقولون إنهم قد يؤيدون مرشحة أنثى لديها أطفال في سن المدارس. واليوم يبدو أن نفس الجمهوريين لا يجدون ما ينتقدونه في عودة بالين إلى العمل بعد ثلاثة أيام فقط من وضعها لطفلها الأول. فحين يتصل الأمر بدعم اختيار المرأة للجمع بين الأمومة والوظيفة المرهقة، يبدو أن المحافظين الاجتماعيين يتفقون اليوم مع أنصار الحركة النسائية.

ستيفاني كونتز مدرسة التاريخ لدى كلية إيفرغرين في أوليمبيا بواشنطن، ومديرة الأبحاث والتعليم العام لدى مجلس الأسر المعاصرة. وأحدث مؤلفاتها كتاب بعنوان (الزواج، نبذة تاريخية: كيف غزا الحب الزواج).

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2008.
www.project-syndicate.org
خاص بـ(الجزيرة)



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد