Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/11/2008 G Issue 13187
الاربعاء 07 ذو القعدة 1429   العدد  13187
يارا
عجائب قدرات كتاب الجرائد
عبد الله بن بخيت

حتى الآن لم أكتب عن الأزمة المالية. ليس بسبب قلة الخبرة. الكتابة في الجرائد لا تحتاج إلى خبرة أصلاً. العكس هو الصحيح: كلما تدنت خبرة الكاتب زادت قدرته. يقوم عمل كاتب الجرائد على الإبداع. إذا كتب في السياسة يبدع نظرية سياسية جديدة، وإذا تناول الاقتصاد يبدع نظرية اقتصادية جديدة، وإذا تحدث في الفن يبدع نظرية جديدة في الفن, هكذا تقرؤون كل صباح نظريات جديدة في كل المجالات بعدد كتاب الجرائد. ليس غريباً أن أكتب اليوم عن المرأة وغداً عن المرور وبعده عن تايوان واليوم الذي يليه أكتب عن المستشفيات ثم أخوض في الفن والأدب والموسيقى والعلوم. ما إن تنتهي السنة حتى أكون شطبت على كل شيء في هذه الدنيا. منح الله كتاب الجرائد قدرة فوق مستوى البشر. شيء مهيب أليس كذلك؟

بعيداً عن المزح. الكتابة في الجرائد لا علاقة لها بالنظريات ولا بالإبداع ولا بالتخصص.

في كل مرة أكتب موضوعاً أجد من يؤيد ومن يرفض ومن يصحح ومن لا يهتم. الشيء الثابت في معادلة الكتابة هو القارئ والكاتب. من يقرأ مقالي عن الفن هو نفسه الذي يقرأ مقالي عن الأدب وهو نفسه الذي يقرأ مقالي عن السياسة هو نفسه الذي يقرأ مقالي عن المرأة. رغم هذا الطيف الواسع من المواضيع لا يحتج القارئ. عندما أكتب عن الصحة لا يثور أهل الصحة محتجين على تدخلي في شؤونهم. عندما أكتب عن الرياضة لا أسمع من يتهمني بالتطفل وعندما أكتب عن الأدب وعن الفنون وعن الموسيقى وعن المرور لا يخالجني إحساس بالتعدي. بعيداً عن حكاية النظريات التي أشرت إليها قبل قليل يمكن أن أقول إن كاتب الجرائد لا يكتب بعمق ولا يغوص في صلب الموضوع. كاتب الجرائد يقارب المواضيع ويطرحها من بعدها العام. عندما أكتب عن الصحة لا أكتب عن كمية البنج أو عدد الغرز أو نوعية الدواء وإنما أكتب عن الخلل في الخدمة. الأمر الذي يهم الجميع ويفهمه الجميع ولا يحتاج إلى تخصص. كاتب الجرائد يكتب عن الخطأ الطبي ويطالب أهل الاختصاص بالتدخل وحسم القضية. هذا شأن عام تسمعه في المجالس. يفهمه أي إنسان ويستطيع الإنسان السوي أن يساهم بالرأي فيه. عمل الكاتب هو لملمة حكي المجالس المبعثر ليصبح متداولاً بشكل موضوعي وعلى مستوى أوسع ويشكل في بعض الأحيان ضغطاً يخدم القضية. الاختصاص شيء وكلام كتاب الجرائد شيء آخر. أقول قولي هذا رداً على بعض الإخوة الذين يحتجون عندما تطرح الجرائد قضية لها بعد ديني. لو امتنع الكتاب عن المواضيع التي لها تماس مع الشأن الديني لأغلقنا الجرائد وكممنا أفواه الناس. من يستطيع أن يفك التداخل في شؤون الحياة الأساسية. الحياة متصلة ومتداخلة ويفضي بعضها إلى البعض. التخصص شيء والشأن العام شيء آخر وفوق كل هذا تبقى حرية الكلمة هي الحكم.

YARA.BAKEET@GMAIL.COM


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد