Al Jazirah NewsPaper Friday  07/11/2008 G Issue 13189
الجمعة 09 ذو القعدة 1429   العدد  13189
النفس والجمال
نادر بن سالم الكلباني

أسأل نفسي أحياناً ما هو الجمال أصلاً، وما هي معاييره؟ وكيف نقيسه في نفوسنا ونتفق عليه ونفوسنا بطبيعتها كما نظن لا تتوحد على معايير ثابتة؟ ولو اتفقنا على معيار واحد للجمال لتنازعنا نحن الرجال على امرأة واحدة وتركنا من سواها، لكننا على هذا الاختلاف نتفق في أمور كثيرة، فجمال شروق الشمس من خلف البحر لا يمكن أن يختلف عليه اثنان مهما كانت الفوارق بينهما، وجمال نجوم السماء وهي تنتشر بما يبدو لنا دون ترتيب وتصفيف لا يختلف عليه أحد حتى وإن كان في عقله ما يعيبه.

وأسأل: لماذا نرى لوحة ملطخة بعشوائية بكل الألوان جميلة، بينما لا نرى هذا الجمال في لوحة أخرى حرص من رسمها على أن يقنن ألوانها ويضعها بترتيب معين، ما الذي يفرض علينا جمال هذا ولا يجعلنا نرى جمال ذلك؟ وهل الجمال مرتبط بالحال التي نعيشها، فيتفق من يعيش الظروف نفسها على ما يرونه جمالاً، أو أن الجمال مرتبط بحجم منفعة الشيء؟ بمعنى أن كل ما يفيدنا هو بالضرورة جميل، وتفرض هذه المنفعة على نفوسنا دون أن ندري استشعار الجمال فيه، إن كان هذا هو الأمر فلم لا نرى جمال الكي أو ما يستطب به وهو في غالبه أمر لا تحبه النفس ولا يقترب من حدود ما نراه من جمال، أو لعل قيمة الشيء وارتفاع سعره هو أصل الجمال فيه، فالألماس جميل لا للبريق الأخاذ الذي يشع منه بل لارتفاع قيمته، إن كان هذا هو الأمر فلم نرى جمال وردة، أو جمال صخرة ملقاة بين صخور كثر، أم أن الجمال هو هذا الإحساس الذي ينبع مع الموجودات في حياتنا فيمس أرواحنا بصدقه دون زيف أو مواراة، فنرى الجمال بكلمة أو بإشارة صغيرة صادقة تحرك مشاعرنا وتمس شيئاً في نفوسنا بينما لا نراه في كثير مزيف؟

وتميل نفسي لهذا فكل النفوس مخلوقة على فطرة واحدة مهما تشعبت بأصحابها السبل أو باعدت بينهم الفكر، فإن رأت العين ما يتناغم وهذه الفطرة ارتاحت له واستشعرت الجمال فيه، فالنفوس على اختلاف ما فيها تحن للسكين، وللصدق وللأمان، وما يجعلنا تفيض بمشاعرها مما تحب، فإذا خاطب ما تراه العين هذه السكينة في النفس وشعورها بالراحة والاطمئنان أو ما يحاكي مطلب الأمان فيها، بأن للنفس جميلا، وهكذا كل ما يحاكي شيئاً من حاجات أرواحنا نرتاح إليه، يشكل جمالاً مهما كان وفي أي صورة كان، هكذا أظن.. والله المستعان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد